العشرية المجيدة / محمد ولد مكحله

أربعاء, 05/08/2019 - 18:03

إنها عشرية تمثل منعطفا حقيقيا في تنمية و تقدم بلادنا. ففيها تم وضع البلاد على سكة الدولة الحديثة، بمقومات صلبة تمكنها من مواصلة، بشكل لا رجعة فيه، مسيرتها المظفرة. إن رائد هدا الانجاز ليس شخصا آخر سوى فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، الدي سطر بأحرف من دهب على صفحات التاريخ عنوان الشموخ و العزة. و هي كدلك عشرية حرب لا هوادة فيها للحد من آفة اختلاس المال العام و مخلفاتها الكارثية، و ترسيخ – بشكل بيداغوجي تدريجي- عادات الحكامة الرشيدة و فرض الفطام عن المال العام، مهما كانت لاشعبية مثل هدا التوجه. طبعا، يمكن أن نتصور بسهولة كيف أن مثل هده الحرب (المعركة) ستكون حامية الوطيس، دلك أن العادات في الاتجاه المعاكس وصلت إلي مستوى يمكن معه اعتبارها طبيعة ثانية. إن التقدم الدي حصل في سجل محاربة الرشوة و سوء الحكامة و التحايل علي المال العام يعتبر نجاحا للشعب الموريتاني، المستفيد الحقيقي من ثمار هدا التوجه الحميد. و هنا أيضا نحن واجدون بصمة فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز. هي عشرية شهدت تعامل الدولة مع المواطن من منظور المواطنة و الكفاءة ليس إلا. فكل موريتاني قادر على المساهمة في البناء الوطني كان مستدعى على أرضية ورشة البناء، دون أي اعتبار آخر غير المواطنة و الكفاءة. و هدا لعمري شيء ممتاز، يجب الاعتراف بدلك. الأمر لا يتوقف عند هدا الحد، فقد كانت بحق العشرية التى شهدت، بناءا و تعميرا، تغير ملامح البلد قاطبة، و عاصمتانا – نواكشوط و أنواديبو- هما المثال الساطع على دلك. فقد عكس وجه البلد من ملامح الحداثة و التنمية و الازدهار ما لم يشهده خلال نصف قرن من استقلاله. فالتغيير البناء الدي وعدت و بشرت به 2009 تحقق بمستوى أكثر من المقبول، و قل نفس الشيء بالنسبة للوعود الانتخابية الصادقة لفخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، الدي بطبعه يفعل ما يقول و لا يقول إلا ما سيتجسد في أرض الواقع. عشرية اكتشف خلالها الموريتانيون، من خلال القرارات التى اتخدها و الأفعال التي سطرها على أرض الواقع، رجل دولة من الطراز الأول، يتمتع بدكاء نادر، حباه الله بكفاءة عالية في تسيير شؤون الدولة، و بثقة كبيرة في النفس و شجاعة و بصيرة استثنائيتين. و هنا لا بد من التدكير بأنه عندما يصبح العالم أكثر تعقيدا كما هو الحال اليوم، و لا ينفك يزداد تعقيدا يوما بعد يوم ، و التحديات جساما، فإن تسيير البلدان في مثل هدا الغمام العالمي حيث الرؤية (البصيرة) منخفضة، ليس أمرا متاحا لأي شخص. فالصعوبات التي تعترض اليوم بعض قادة العالم في السيطرة على بلدانهم في خضم محيط متلاطم الأمواج، تعكس بجلاء حجم و طبيعة التحديات المحيطة بنا. هنا، حيث تصعب القيادة و يصعب فهم ما يجري من حولنا حتى نستطيع اتخاد القرار و الخطوة المناسبين، استطاع فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز، ليس فقط قيادة السفينة إلى بر الأمان، إنما أكثر من دلك تمكن بجدارة من حجز مقعد الريادة لبلدنا، استقرارا و دبلوماسية و تنمية، ضمن دائرتنا الجغرافية و محيطنا الاقليمي. عشرية سجلت فيها موريتانيا انجازات هيكلية تمثل اليوم قوة الدفع الحقيقية لقاطرة التنمية و للمضي قدما على درب التقدم و الحداثة: يتعلق الأمر بترسيخ الديمقراطية و إرساء العدالة الاجتماعية، و بناء الطرق و المطارات و تشييد الموانئ و البنايات و العمارات المهيبة (البنايات الإدارية المحترمة التي عمت البلاد، تشييد "وسط" لمدينة نواكشوط جديد كان فخامة رئيس الجمهورية هو أول من فكر فيه و أنجزه، و كدلك المراكز التجارية التي أعطت مسحة جمالية لعاصمتنا). و أقول هنا البنايات و العمارات المهيبة، لأنها شكلت دائما عبر العصور و في كل بقاع الأرض جانبا و مؤشرا حقيقيا لتنمية الأمم و تطورها (ألم يتحدث بن خلدون عن العمران و التعمير، في إشارة إلي ربط الحضارة و المدنية بالحضر و المدينة). و هنا المستغرب تماما تمسك البعض، نكافا حتى لا أقول نفاقا، بمدارس شيدت مند عشرات السنين لكنها اليوم بحكم موقعها أصبحت محاطة من كل جانب بالأسواق، في حين يتعامى عن المدارس المكونة من طوابق، التي انتشرت عبر البلاد، وفق المعايير المعمارية و الجمالية العالية؟ و لأن المقام لا يسمح بالفيض سأقتصر على قيض من الانجازات التاريخية الكبيرة مما حصل في مجال المياه و الكهرباء (بحيرة اظهر- هدا الحلم الدي أصبح واقعا- آفطوط الساحلي و آفطوط الشرقي، الطاقات المتجددة . . و القائمة تطول ). و لم تكن الصحة و التعليم بأقل نصيبا من البنى التحتية: فالمستشفيات (القلب، الأم و الطفل، الصداقة، الأنكولوجيا، المعهد الوطني لأمراض الكبد و الفيروسات، و كلها لم تكن ببساطة موجودة قبل 2009)، والمستشفيات الجهوية، و المستوصفات، و المراكز و النقاط الصحية من جهة، و الجامعات و الكليات و مدارس المهندسين و المعاهد المتخصصة، من جهة اخرى، كل دلك حصل في هدا العهد الميمون. عشرية دشنها فخامة رئيس الجمهورية- يجب أن لا ننسى دلك- بمعجزة القضاء على الأحياء العشوائية التى كرست مع الأسف، طيلة عقود من الزمن، صورة قبيحة و لا إنسانية لعاصمتنا، صورة وقفت عاجزة أمامها كل حكومات ما قبل 2009، رغم محاولات محتشمة لم يكتب لها النجاح. هنا نجد كدلك بصمة فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز: زيارة ميدانية، فالاطلاع بالعين المجردة، فشعور بالإستياء و الاحباط و الغضب لساكنة هدا الحي (الحي الساكن)، فقرار في الحين و يتغير كل شيء في مسار حياة هؤلاء المواطنين الدين حطمهم اليأس و انتزع منهم مجرد الحلم بالحلم. عندما يلتقي الصدق و الإقدام، و يواجه الواقع بنية صادقة، بعيدا عن التمثيل المسرحي، فإن الرهان سيكسب لا محالة، مهما كان الثمن. إن إنجازات فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز يستحيل تسطيرها في هذا الحيز، لذلك سأقتصر هنا على ذكر بعض منها: - التحسن الجوهري و المضطرد للظروف المعيشية للسكان في العشرية الأخيرة، من خلال مشاريع هيكلية ذات الأثر المباشر على حياتهم اليومية (نذكر على سبيل المثال: التشغيل حيث وصل عدد و وتيرة الاكتتاب إلى مستوى غير مسبوق، مع مضاعفة دخل العمال مرتين أو ثلاثا). هذا واقع يرى و يعاش. - الحالة المدنية البيومترية التي تعتبر اليوم مفخرة للشعب الموريتاني، باعتبار أهميتها الأمنية و الاقتصادية-المالية. الأمنية لأن الأمر يتعلق، بكل بساطة، و في هذا الظرف الدولي تحديدا، بوجود (أي بقاء) البلد من عدمه. الاقتصادية-المالية لأننا لا نقدر حق قدره تأثير و انعكاسات الحالة المدنية البيومترية على الحكامة الرشيدة و ترشيد موارد الدولة: فمع النظام البيومتري نودع، بلا رجعة و لا حسرة، المرتبات المزدوجة (و يعلم الله حجم المفاسد و الأضرار التي نجمت عن مثل هده الممارسات البغيضة)، و نحد بدرجة كبيرة من التهرب الضريبي، و نسد الباب أمام التحايل و التلاعب بمختلف أنواع الرسوم التي أصبح دفعها يتم على أساس رقم القيد الوطني. طبعا هذا الانجاز التاريخي هو من صنع فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز. - أما فيما يخص المدن القديمة، فتلك حكاية تستحق التوقف عندها: منذ عشريات مضت بدأ باحثون أجانب يولون اهتماما لمدننا القديمة و يسعون إلي انقادها من الضياع الذي قد يؤدي إلي اختفائها بكل بساطة. نظم هؤلاء بعثات بحثية و دراسية، ممولة بطبيعة الحال. و بعد سنوات من البحث و الدراسة في الميدان، خرجوا بمئات الصفحات من الوثائق و التقارير والخلاصات و ما إلي دلك من جداول و بيانات، ابتلعت من الوسائل المالية و اللوجستيكية ما لا عين رأت و لا أذن سمعت. من هذه الدراسات أعدت ملفات كبيرة و أوراق مشاريع كثيرة تم عرضها علي "سخاء" الممولين للتدخل لإنشال تلك المدن، و ما تم الحصول عليه من الأموال صرف في برامج إنقاذية و تنموية. وصلت البرامج إلي نهاية فترتها الزمنية و المدن لا تزال تراوح مكانها، مهددة كما كانت أول مرة، و كأنها تنتظر بصبر صحراوي، مرور رجل دأب علي أخد القرار بسرعة، و التصرف بسرعة و فاعلية، دونما حاجة إلي الدراسات و تصاميم المشاريع و المقدمات: إنه فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز. و كالعادة، تفتقت عبقرية القائد الفذ عن فكرة تنظيم مهرجان سنوي للمدن القديمة، لا حاجة هنا و لا مكان للدراسات و المخططات و المشاريع و غير ذلك من "العراكيات" التي تأكل من الزمن قدر ما تأكل من المال، دون أي نتيجة. كم هي بسيطة و قريبة و عميقة و ناجعة و عبقرية هده الفكرة الحدسية، و النتيجة: عند النسخة الثامنة (أي بعد دورتين) تغير الحال تماما، و تغير وجه و ملامح هذه المدن الجواهر. لقد تم بالفعل إنقاذ هذه المدن، و أبعد عنها الخطر و نمت و استفادت من كافة مقومات العيش الرغيد و عاد إليها أهلها و غيرهم بعد هجران مرير، و استعادت حيويتها و لمعانها و عادت تملأ العين ضاحكة مستبشرة. ذالكم هو أسلوب فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز، و تلكم هي المدرسة العزيزية التي نتشرف بالجلوس على مقاعد فصولها، و التي كتب على واجهتها: "لا يدخل علينا إلا من كان يروم الفاعلية و النجاعة، و يفكر بالنتائج". خلاصة القول إنه بإطلالة فخامة الرئيس محمد ولد عبد العزيز ذات 2009، تحركت مياه الرتابة الراكدة، و دخلنا عهد "المقاربة بطريقة أخرى"، انطلاقا من رؤية واضحة لمشروع مجتمع مدني ناهض فهذا النشيد الوطني و ذلك العلم الوطني و تلك مقاومتنا الوطنية الباسلة رد لها اعتبار مستحق، دون أن ننسى "تأميم" أسماء الشوارع، كلها قرارات وطنية شجاعة كانت قريبة ممن كانوا في موقع صنع القرار في هذا البلد لكنهم لم يبصروا (من البصيرة) و لم يبادروا، و من لم يمتلك شجاعة و إمكانية المبادرة لم يمتلك القدرة على صنع التاريخ. إن الذين ينظرون بعين الرضا، كامل الرضا– و هم أغلبية هذا الشعب بطبيعة الحال – إلي حصيلة العشرية الأخيرة لا يتساغ، بحكم المنطق و مقتضى الانسجام الضميري الداخلي، أن يرفعوا اليوم شعار التغيير، تغيير نهج و مسار حقق نجاحا باهرا. فالذين تبنوا بالأمس شعار "التغيير البناء" عندما أطل برنامجا انتخابيا و تجسد اليوم في أرض الواقع حصيلة مشرفة، لا يمكن أن يرفعوا سوى شعار ترسيخ مكتسبات العشرية المجيدة و إكمال مسيرة البناء التي أرسى قواعدها فخامة رئيس الجمهورية السيد محمد ولد عبد العزيز. و اليوم و نحن في نهاية المأمورية الثانية لفخامة الرئيس، فإن الشخص الوحيد الذي باستطاعته أن ينجز ذلك و يقود سفينة البلاد إلي شاطىء المزيد من التقدم و الازدهار، هو بلا منازع المترشح، "مرشح الإجماع الوطني"، السيد محمد ولد الشيخ محمد أحمد ولد الغزواني. (ترجمة لمقال نشر باللغة الفرنسية

الفيس بوك