التعليم العالي يحتضر بقلم الطالب حمزة ولد سيد محمد

ثلاثاء, 11/05/2019 - 23:29

بعد نهاية الحرب العالمية الثانية وما تلاها من أحداث وحروب ، انقسم للعالم إلى معسكرين رئيسيين ، معسكر يظم دول العالم الأول بثقلها السياسي والاقتصادي والمعرفي ، ومعسكر يجمع الدول المتخلفة أو بعبارة ألطف الدول النامية ، وإذا رجعنا إلى الخريطة اليوم نجد أن بعض تلك الدول التي كانت تتصدر قائمة الدول المتخلفة (اليابان ، ماليزيا، كوريا الجنوبية)  أصبحت اليوم من دول العالم الأول أو في طريقها لكي تصبح ، والسر في ذلك هو اهتمامها بشيء واحد ألا وهو التعليم.

في بداية ستينيات القرن الماضي ، وفي أقصى غرب أفريقيا نالت موريتانيا استقلالها ، وانظمت وبكل أحقية لمعسكر الدول النامية(المتخلفة)، والذي وللأسف لا تزال فيه لعدة عوامل لا يتسع الحديث الآن لذكرها ، واستمرت بلا  أي مؤسسة للتعليم العالي حتى عام 1978 ، حيث أنشئ المعهد العالي للدراسات والبحوث الإسلامية لتتبعه جامعة نواكشوط بعد ذلك بأربع سنوات ، وهو ما يوحي أن التعليم العالي لم يكن من أهم القطاعات لدى الحكومات المتعاقبة ، كما أنه أمر حادث في هذه البلاد، لعدة عوامل من أبرزها البداوة وفشل الحكومات الموريتانية في النهوض بهذا القطاع.

وإذا رجعنا بشكل مفصل لتاريخ التعليم العالي في وطننا ، نجد أن فترة ما بعد الإطاحة بالرئيس السابق معاوية ولد الطائع شكلت منعطفا هاما وتطورا ملحوظا في مسيرة تعليمنا العالي الوطني، ففي الفترة ما بين 2006 و 2009 تم إنشاء أول كلية للطب في البلد ،والبدء في دمقرطة التعليم العالي من خلال انتخاب رئيس للجامعة والعمداء، بالإضافة إلى إشراك الطلاب في العملية التربوية عن طريق انتخابهم لممثليهم في مجلسي الإدارة والكلية واللجنة الوطنية للمنح، علاوة على تعميم المنح الداخلية وحل بعض المشاكل الخدمية....

لقد شكل وصول الجنرال محمد ولد عبد العزيز إلى السلطة عن طريق انقلاب عام 2009 بداية شن حرب على التعليم وأهله،  فالرئيس الذي وصل للسلطة عن طريق الدبابة لم يكن مقتنعا أن الدول تبنى بالعلم والمعرفة لا بالعصي والهراوات ، وهو ما تأكد للرأي العام بعد أن أعطى التعليم العالي كمكافأة لمدير حملته في انتخابات 2014 سيدي ولد سالم بعيدا عن أية معايير أكاديمية أو إنجازات سابقة ، وهو ما شكل القشة التي قصمت ظهر تعليمنا العالي الوطني.

يعتبر سيدي ولد سالم من الأبناء البررة للمدرسة الفرنكفونية ، إلا أنه وبكل أسف لم يأخذ منها سوى التغريب وطمس الهوية الإسلامية ومحاربة العلوم الإنسانية والأدبية ،  أما فيما يخص التعامل مع الطلاب والحريات العامة في الجامعة فهو مقتد بنهج الاحتلال الصهيوني في تعامله مع الفلسطينيين العزل.
وبرجوعنا لسيرته كوزير للتعليم العالي ، نجد أنه اتخذ خلالها جملة من القرارات ساهمت في جعل تعليمنا العالي الوطني يحتضر ويعاني بل ويتذيل الترتيب العالمي ، في صورة تؤكد أن هذا الوزير  كان ولا يزال سببا أساسي في فشل هذا القطاع .
فقد ألغى هذا الوزير المتغطرس المنح الخارجية لكثير من التخصصات العلمية والأدبية وأوقف المساعدات المالية عن كثير من طلابنا في الداخل والخارج (قرابة 90٪؜من الطلاب لا يستفيدون منها) بالإضافة إلى انقضاضه على دمقرطة التعليم العالي عن طريق تعيينه رئيس الجامعة والغاء تمثيل الطلاب ليضيف إلى سيئاته الكثيرة تعامله القمعي واللا إنساني للطلاب وحرمانهم من التسجيل .
إن سيدي ولد سالم الذي يتبجح علينا دائما بالنموذج الفرنسي ، تجاهل أن التعليم العالي في فرنسا مجاني للطلبة الفرنسيين والأجانب ، وأن المحكمة الدستورية الفرنسية ألغت قبل أيام قرارا بفرض رسوم على الطلبة الأجانب بدعوى مخالفته للدستور وأن #التعليم_حق_للجميع ، كما أن طلاب فرنسا يتمتعون يتعليم متميز يوفر لهم خدمات راقية وحقوقا مصونة ويكفل لهم حقهم في التظاهر والتعبير ، عكس طلابنا المضطهدين الذين ينقلون كالغنم في حاويات متهالكة بعد سرقة منحهم ، ثم يرسل لهم سيدي ولد سالم أجهزة القمع البوليسية لتقمعهم وتسحلهم في صورة مخالفة للشرع والقانون ، وموحية بأن حكومتنا لا تحترم مواطنيها ولا تقدرهم .
إن تذيل تعليمنا العالي للترتيب العالمي وواقعه المؤلم والصور الدامية التي نشاهدها للطلاب المحتجين لتؤكد أن سيدي ولد سالم إن لم يكن فاشلا في إدارته لهذا القطاع فهو بالتأكيد لم يكن ناجحا  في ذلك كما أنه قد خسر ثقة غالبية الطلاب والثقة عامل مهم نجاح السيسات التربوية ، وأن على رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني حفاظا على ماء وجهه وعلى تعهده بإصلاح التعليم وجعله أولوية أن يقيل سيدي ولد سالم الليلة  قبل غدا ف#التعليم_حق_للجميع و#قمع_الطلاب_باطل
حمزة ولد سيدي محمد 
طالب دراسات عليا
05/11/2019