حين أخذ عبيد الله بن زياد عروة بن أدية قطع يده ورجله وصلبه على باب داره فقال لأهله وهو مصلوب: انظروا إلى هؤلاء الموكلين بي فأحسنوا إليهم فإنهم أضيافكم ماضر بعض قوات أمننا لو علموا أننا بعض دمهم فتحروا في تعاملهم معنا رشدا وما ضرهم لو علموا ان تربيب المعروف أولى من إصطناعه لأن إصطناعه نافلة وتربيبه فريضة قال الأحنف بن قيس: ما أدخرت الآباء للأبناء، ولا أبقت الموتى للأحياء، شيئا أفضل من اصطناع المعروف عند ذوي الأحساب والآداب يرى فريدريك هارتمان ان الأمن هو محصلة المصالح القومية الحيوية للدولة. ويعتبر هذا التعريف أكثر مرونة، لشموله على المصالح الوطنية والحيوية معاً، و محصلة تفاعلهما ِتُكَوِّنْ أمن الدولة، ودون تحديد لها إذ هي من المتغيرات الدائمة، وقد تختلف من موقع لآخر، أو من عصر لآخر كما أنه لم يشر إلى القوة العسكرية، باعتبار المصلحة الدفاعية أحد المصالح الوطنية الحيوية لأن التركيز على البعد العسكري ، يدفع الدول بالتأكيد لزيادة قدراتها العسكرية وقوتها في شتى المجالات وبالتالي يكون دور المدنيين من السياسيين والإعلاميين وغيرهم محدودًا للغاية وما يترتب على ذلك من توجيه للجزء الأكبر من الموارد في هذا الإتجاه الأمني الدفاعي المفتعل في الغالب على حساب المطالب التنموية في القطاعات الأخرى غير الأمنية وغير العسكرية في ظل الظروف الأمنية التي تواجه المجتمع الموريتاني يوماً بعد يوم فإن الصورة الذهنية لرجل الأمن تظل أحد أهم المواضيع التي تشغل الذهنية الجمعية للمجتمع وللمرء أن يتساءل هل أدرك النظام الحالي فعلا ان تكامل عناصر الأمن في المجتمع هي البداية الحقيقة لحاضر أفضل ومستقبل أجمل ؟؟ وان توفر الأمن الإجتماعي والإقتصادي والسياسي وحتى الديني داخليا هو الأمثل للقوة الخارجية !! كنت في الجزء الأول من هذه السلسلة التي سميتها " العسكري المثقف موريتانيا نموذجا " قد تنبأت بحتمية تحسن جهاز الأمن الوطني بعد تولي الفريق مسقارو ولد أغويزي إدارته ولَم أذهب مذهب المدح والثناء النمطيين في التعامل مع المسؤولين في هذا البلد ولعل المنصف يدرك مقالة الشاعر لو لم يقدِّر فيه بُعْدَ المُسْتقَى عند الورود لَمَا أطال رشاءَهُ بعد الأحداث الأخيرة التي اعتدى فيها بعض رجال الأمن على الطلبة المتظاهرين تفاجأ الجميع لظهور سنة جديدة إستنها مدير الأمن الوطني بالتصريح عن أسفه لما تعرض له الطلاب ونيته محاسبة الفاعلين هذه سبيل الرجل للإصلاح على بصيرة وبينة لكن ماهو دورنا كنخب واعية بضرورة العمل الجماعي من أجل النهوض بكافة القطاعات الأخرى ؟؟ إن الإسثمار في الكادر البشري هو الإستثمار الناجح وهو السبيل الوحيد للتنمية الشاملة من أجل ذلك نطالب فخامة رئيس الجمهورية والمدير الوطني للأمن بالتركيز على دعم جهاز الأمن الوطني أولًا من حيث التكوين والتأطير ثانيا من حيث الإكتتاب ووضع معايير عالية لقبول المترشحين لدخول سلك الشرطة وللفريق مسقارو تجربة رائدة في إنتقائه لعناصر أمن الطرق وكذلك في اختيار عناصر الحرس الوطني ثالثًا من الناحية المادية بزيادة الرواتب ومجانية العلاج لذويهم وتوفير السكن اللائق لهم فلا يمكن أن يؤدي الشرطي مهمته كما ينبغي وهو في ظروف قاسية وأمام حاضنة إجتماعية لا مكان فيها للضعفاء وتسيطر عليها ثقافة الجهوية والقبلية والوساطة ومع كل ذلك لا يختصر نجاح الفريق في مهمته الشاقة إلا بمساندة كافة قطعات الدولة الأخرى من تعليم وصحة وقضاء وقبل كل ذلك مساندة وتعاون المواطنين لضمان نجاحه في أداء رسالته ورسالة جهازه من أجل أن تتحسن الصورة الذهنية لرجل الأمن التي فشلت الأنظمة السابقة دون استثناء في تغييرها حتى أضحى الشرطي هدفا للقدح والتنكيت من لدن الجميع وأصبح المواطن يراهن أن أمنه لن يكون إلا إذا تم حل جهاز الشرطة واستئصاله من أسه هذه النظرة التشاؤمية غذتها سنون من القحط في التعامل النبيل من لدن الكثير من رجال الأمن مع المواطنين على اختلاف حاجتهم لذلك التعامل اليوم ونحن نعلم أن للسلطة الحالية نية جادة في تحسين هذا القطاع وذلك بإسناد إدارته للعسكري المثقف نرجوا من الجميع قمة وقاعدة التعاون على النهوض بأمننا كمجتمع مسالم حاجته للأمن أشد من حاجته للغذاء والدواء