قبل الدخول في الحديث عن أسرة الشيخ محمد المامون الملقب "أمَّمَّ" يجدر بنا السير حثيثا مع التاريخ للاستفادة والاستزادة من مجرى ينبوع الأصل والمحتد الضارب في عمق الشرف القلقمي الذي لا يختلف حوله إثنان، حيث آل الشيخ محمد فاضل وعامة أهل الطالب المختار شرفاء ينحدرون من أمراء الأدارسة.. فقد قدم الجد الأعلى للأسرة المذكورة الطالب الحبيب صحبة إبنه أجيه المختار في القرن العاشر الهجري، وبرفقة طلائع من بني حسان المغافرة، وبقيت أسرة آل الشيخ بالمغرب، وصادف قدومها وفاة الطالب الحبيب قرب مدينة ازويرات الحالية، وخلفه إبنه اجيه المختار. وأما أبناء عمومة هذه الأسرة الشريفة القلاقمة فمنهم من يوجد بتمبكتو، وولاتة، والنعمة، ومعظم بلاد شنقيط، ومنهم من بقي مع أبناء عمه الأدارسة بمختلف بلاد المغرب والجزائر، مثل بعض آباء الأسرة المذكورة أبناء الطالب الحبيب، على ما تذكر أكثر كتب التاريخ تمحيصا وتدقيقا. لقد عرفت هذه الدوحة العظيمة، والأسرة الكريمة بخصال فريدة، وميزات عديدة، فامتلكت بذلك زمام القلوب وقادت المبادرات الموفقة إلى الجهاد في سبيل الله، ونشر العلم، وتوزيع الكلمة الطيبة، واللباقة، والحكمة، والموعظة، فظلت قبلة الموريدين، والطامعين، والسائرين في طلب التزود بأحسن زاد وأنبل مراد. ولأن الفضل يلهم الهيبة، ويزرع المحبة فقد ذاع صيت هذه الأسرة العظيمة، ودوى ذكرها في الآفاق، ووضع لها الحاكم الأجنبي منزلة، والناظم متسعا، ولا أدل على ذلك من كون الإمارات الشنقيطية والموريتانية، والممالك المجاورة، ثم السلطات الفرنسية، والاسبانية، والبريطانية، والبرتغالية، والإيطالية، والألمانية، ترصد أسماء ومريدي آل الشيخ محمد فاضل، وعامة آل الطالب المختار بوصفهم شرفاء أدارسة. ومن يمعن في تاريخ الأدارسة يجد ما يكفيه من حقائق موثقة عن آل الشيخ المذكور، وكيف نزح الطالب الحبيب وإبنه الذي تسميه الأعاجم أو البربر أجيه المختار، واسمه الحقيقي الطالب المختار إلى منطقة الصحراء، وانضمت إليهما قبائل بني حسان، وأتت معهما حتى ظهرت إماراتهم في معظم مناطق جنوب الصحراء. وقد توفي في هذه الظروف الطالب الحبيب فخلفه ابنه اجيه المختار، وبقي شريفا إدريسيا ومرشدا دينيا وقائدا أعلى يتمتع بجميع الامتيازات المعنوية. ولم تكن الإتاوة تجبى أبدا على أجيه المختار، ولا على أحد من أبنائه، أو أحفاده بوصفهم سلطة روحية من جهة، وتنفيذية من جهة أخرى. ولعل في كتب مثل: موسوعة ولد حامد، و"رياض الجنة" لعبد الحميد الكتاني في شرفاء فاس، و"فهرس الفهارس والإثبات ومعجم المعاجم والمشيخات والمسلمات" لعبد الحي ابن عبد الكريم ابن سيدي محمد الحسني الإدريسي، و"النفحة الأحمدية" للشيخ أحمد ابن الشمس الحاجي، و"كتاب ماء العينين بن لعتيك" القلقمي، وكتاب "الأنوار الحسنية في نسبة من بسلجماسة من الأشراف المحمدية" و"الجمان في أخبار الزمان"، و "مجمع البحرين في كرامات شيخنا الشيخ ماء العينين" لمؤلفه محمد العاقب بن مايابى الجكني، و"الأبحر المعينية في الأمداح المعينية" للشيخ النعمة ولد الشيخ ماء العينين ، لعل في جل هذه الكتب وغيرها-مما تصعب الإحاطة به من أبحاث، ودراسات، ومقالات مستأنسة بالتاريخ المعمق، ثم أشعار لهجية وفصحى-ما يرشد إلى عظمة، وهيبة، وشرف آل الشيخ محمد فاضل، وآل الطالب المختار الذين كانوا -عبر تاريخ- إحدى ركائز الحكم والإمارة، والقيادة الروحية منذ مجيئهم في القرن العاشر الهجري-السادس عشر الميلادي. وتبقى الصلة حية وقائمة بين الطالب سيدي علي، وابنه أجيه المختار بأبناء عمهم الأدارسة ببلاد المغرب، اقتداء بجدهما الطالب محمد بن الطالب سيدي يحيى من قبلهما في إطار استمرارية الدعم والاتصال. ولعل ذلك ما قد يفسر بعض فترات الانفصام بينهم مع قلاقمة جنوب الصحراء، أو نزوحهم تارة عن بقية ذويهم القلاقمة في بلاد السودان نحو وطنهم الأم (بلاد الأدارسة) وفق كتب التاريخ. إن هذه الأسرة الشريفة العريقة، ذات البعد الحضاري، والديني الملتزم بالكتاب والسنة المطهرة كانت أيضا معروفة ببعدها الروحي، وما حافظت عليه من تأثير صوفي ضارب في العمق من بلاد الرافدين، حيث المذهب الصوفي القادري المعروف على يد سييدي عبد القادر الجيلاني. أسرة الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ): تواصَل العطاء المديد لأسرة أهل الطالب المختار، ولم ينقطع أبدا منذ أن وجدت هذه الأسرة الفاضلة الطيبة المألوفة والمعروفة بالورع والصلاح والولاية المشهورة والوقورة، وإلى اليوم، حيث يسير الخلف على درب السلف، وتقدم أسرة الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ) العطاء المتميز، ثم تبسط رداء الفضل، وتفتح أفقا رحبا، من الإنفاق وسرعة الاستجابة للملهوف، والمريض، وصاحب الحاجة، والفقير، وعابر السبيل دأبها في ذلك ما ألفته من درب الأسلاف وسيرة الأمجاد والأجداد. وكان الصلاح والفضل والإيثار، والتواضع في هيبة ورفعة، والإحسان ... كلها شيم وقيم معروفة في هذه الأسرة الميمونة. وهنا نقف قليلا عند جانب من حياة الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ)، لنتطرق بعد ذلك لأبنائه موضحين -ولو في عجالة- كيف أثرت أسرته الشريفة بعلمها وورعها وصلاحها ومجدها التليد، وفعلها السديد في صياغة الوجدان الاجتماعي لدى فئات عريضة من المجتمع الموريتاني، والمحيط المغاربي، ومناطق أخرى من قارات العالم. لقد ولد الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ) ببلدة محمودة بولاية الحوض الشرقي بالقرب من مدينة النعمة حوالي 1872م، وتوفي رحمه الله بوادي انتيد في الـ25 شعبان 1367هـ الموافق ليوليو 1948م، وكان هو أول من كني بـ (أمَّمَّ) من جميع الناس. وليس هذا الاسم أو الكناية موجودين في عشيرته، ولا في غيرها من القبائل. وقد أعطى الأديب والشاعر والعلامة محمد عبد الله ولد الشبيه- وهو من سادة وأعيان أهل أتفاغ موسى اليعقوبيين- لتلك الكناية مفهوما لغويا أكثر وضوحا، وهو بمعنى الإمامة أو القصد وذلك ضمن قصيدة له. أما والدة الشيخ أمَّمَّ، فهي لعزيزة بنت المختار ولد أعل الشيخ من أسياد آل الطالب مصطف بالحوض الشرقي قديما، وهو فخذ من آل باركل الشمشويين على الأرجح بالحوض الشرقي، ووالدة لعزيزة هي برهومة بنت أحمد مسكه حفيدة أمراء أولاد امبارك، وهم الذين جاءت منهم التسمية باسم أعل الشيخ. والشيخ أمَّمَّ والده الشيخ محمد تقي الله، وهو من أبناء الشيخ محمد فاضل الأوائل الذين تم تصديرهم بعد تربيتهم بالعلمين الظاهر والباطن، من طرف أبيهم الكبير الشيخ محمد فاضل مؤسس الطريقة الصوفية الفاضلية القادرية الأشعرية المعروفة. ولقد لَقَّب الشيخ محمد فاضل معظم أبنائه بلقب الشيخ وألبسهم لباس المشيخة، وبعثهم إلى عدة جهات خارجة عن منطقة نفوذه الروحي والسياسي، بهدف نشر العلم والتصوف. أبناء وبنات الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ): للشيخ محمد المامون (أمَّمَّ) أبناء وبنات هم: 1 الشيخ سيدي عثمان ولد حوالي 1894 بالجريف وتوفي 1974 بنفس المكان وهو العلامة والعابد والنحوي واللغوي والمنفق في سبيل الله ومأوى الضعيف، وقد عرف ببكائه من خشية الله والذي لا يفتر عن قراءة القرآن الا اثناء النوم، حيث كان يقول في وصفه للتمكن من حفظ القرآن انه لم يطمئن على حفظه له الا حيث يتمكن بعد يقظته من تذكر الاية التي خالطه فيها النوم، ثم يواصل تلاوته للقرآن بالدوام، وقد وصفه أبوه الشيخ محمد المامون (أمم) بالعلم والتقى والولاية وجودة الحفظ وهو نابغة في تحفيظ القرآن الكريم وفي معرفة غوامض اللغة العربية والاداب، وهو رجل كريم متواضع حسن الخلق والسيرة قريب من القلب وهو بكر والده الشيخ محمد المامون (أمم) 2 - الشيخ محمد معروف: فتى الفتيان ولد حوالي 1903م بانتيد وهو جامع خصال الفتوة في كل المجالات، وقد عرف بالكرم لدرجة أن آثار ذبائحه ونحائره شكلت تلالا من التراكم أضحت ربوة كبيرة يطلق عليها اليوم "أرميثيات الشيخ معروف. 3 - الشيخ الفضل: ولد 1915 بانتيد، وتوفي رحمه الله سنة 1941م بالقرب من عيون العتروس، وهو مثل يحتذى علما وأخلاقا، وعبادة وورعا، واتزانا. - 4 الشيخ محمد بوي: ولد بانتيد وهو غني عن التعريف علما، وأخلاقا، وكرما، وتصوفا وهو من حفاظ القرآن الكريم حفظا ورسما وتجويدا، وله اليد الطولى في علوم اللغة العربية، وهو أيضا معروف بالورع والاتزان، وشبه أباه أمَّمَّ وجده الشيخ محمد تقي الله في خصالهما. 5 - الشيخ الأكبر الشيخ اعل الشيخ: ولد هذا الشيخ بمدينة شنقيط، وهو شخصية غنية عن التعريف وطنيا، وإسلاميا، وعالميا وهو ولي، وعابد، وعارف يخشى الله ويحسن إلى خلقه ، والدته هي بوبه بنت بوكنداية من قبيلة أولاد قيلان . أحب الله فأحبه الله، وطوع سلطة النفس، والهوى، وانغمس في العبادة فكان له العطاء من رب كريم، وطفق يسجل فضائل الصبر والحكمة والكشف، ونور العقل والإيمان، وفضائل أخرى معلومة ومفهومة ... استوطن هذا الولي مدينة أطار وظل علمها وعالمها ..إليه تضرب أكباد الإبل لما أعطاه الله من علم وسر وتقوى وصلاح. تيممه الجموع، وتنال المقصد وتشفى بإذن الله من الأسقام والأوهام وتعود راضية مطمئنة. إنه الأصل الشامخ في دوحة الشرف من سلالة آل البيت الأبرار وقد وهبه الله خلقا رفيعا، وهيبة في تواضع، وسكينة ووقار، وسجية رفيعة مكسوة بطلاوة الإيمان وجذوة الإحسان، وفصاحة اللسان . وكما سبق ذكره تُيمم أعل الشيخ في مدينة أطار المئات والآلاف من داخل البلاد وخارجها: زائرين، ومتبركين ومستشفين من أمراض مستعصية، وطالبين الدعاء الصالح من هذا القطب الولي والزاهد فيما سوى الله. ويقيم في الدائرة- وهي مكان سكن أعل الشيخ وضيوفه- الكثيرون على نفقة هذا الغيث الهمام، وهناك من يقيمون زمنا أطول، دون أن يتغير وجه الكرم ولا سمة الكرماء، بل يتضاعف الإنفاق والإطعام وتوزع الذبائح والنحائر على الضواحي والأرياف في مشهد من الإنفاق بديع ومتناسق، ومتواصل بفضل توجيه وكرم الولي الصالح اعل الشيخ. ولا يقف الأمر عند هذا الحد، بل تعمم الملابس أثناء الأعياد على المحتاجين من ساكنة أطار والزوار والقادمين من كل مكان، دون تمييز ولا خصوصية. وتأخذ العملية طريقها هي الأخرى إلى الضواحي والمناطق المجاورة وما وراءها.. ويبلغ كرم وإنفاق الولي الصالح اعل الشيخ ولد أمَّمَّ درجة فاقت التصور إلى حد أن أحد الأعيان الكبار المعروفين في مدينة أطار لما زار فرنسا والتقى باعل الشيخ (عندما كان الأخير حينها في رحلة استشفائية لفرنسا) خاطب الرجل اعل الشيخ قائلا: "يا شيخنا عد إلى أطار فقد جاعت الطيور في الأرياف جراء ذهابكم" ولهذه العبارة مدلولها البليغ في تصوير إكرام اعل الشيخ للناس في أطار وريفه من خلال الذبائح والنحائر بالحجم الذي ربما يفيض عن المحتاجين، فتطعم منه الهوام والطيور، كإحدى الممارسات المعتادة في يوميات الإنفاق المتواصل لهذا الشيخ الولي. ضف إلى ذلك ما يشفي الله على يد هذا الولي من المرضى، ومن الرتب والشهادات العالية، وهو ما يعبر عنه المعنيون بلغة الثناء والإشادة الأكثر ملامسة لوجدان من حصل على مبتغاه، في حين لا يطلب اعل الشيخ المدح، ولا ينتظر الثناء من أحد، وإنما سجيته الورع والكرم، والتواضع وعطاء الله له غير محدود. وقد قال فيه والده "إنه ولي من أولياء الله تعالى، وسوف يخدمه الأعيان والكبراء" كما هو الحال. 6 - الشيخ محمد الأمين الأدهم: ولد بانتيد وتربى ثم درس القرآن الكريم على يد والده، كما قرأه على أخيه الأكبر سيدي عثمان، وتعلم علم الأصول، ورافق أباه حتى توفي رحمة الله عليه، ثم بقي مجاورا له بانتيد يستقبل الضيوف ويكرم الجار. وقد قال فيه أبوه "إنه رجل تلازمه البركة كلما حل وارتحل".- 7 الشيخ الحضرامي: ولد بانتيد ودرس القرآن الكريم والعلوم على أبيه، وأدخله في خدمته، وعلمه السر والإسم الأعظم، وقد قال فيه أبوه الشيخ أمَّمَّ "إنه يحتل في الأسرة مكانة عمه الشيخ الحضرامي بن الشيخ محمد فاضل بن مامين". ويعتبر الحضرامي شخصية سياسية مخضرمة من جهة، وشخصية صوفية من جهة أخرى. يعرف بالتوفيق في حل المشاكل، لذلك عين واليا في معظم ولايات الوطن، وسهل ما فيها من معوقات. وقد ترشح في مدينة ازويرات سابقا، فجمع المنصبين الإستحقاقيين (العمدة والنائب) في آن واحد. والشيخ الحضرامي موفق دوما في كل اهتماماته وتوجهاته. 8 - الشيخ القطب ولد أمَّمَّ: ولد بواحة تيارت إلى الشمال الغربي من مدينة أطار، وهو شخصية غنية عن التعريف، وقد قرأ العلم في بيئته الاجتماعية والروحية، وتعلم تعليما محظريا، حيث مال إلى عالم التصوف. شارك في تأسيس حزب الشبيبة الوطنية الموريتانية، ثم حزب النهضة الوطنية الموريتانية، وحزب الشيوخ، فحزب الشعب الموريتاني.. تعرض للسجن على يد السلطات الفرنسية قبل الاستقلال الوطني، شغل في العهد الديمقراطي منصب عمدة دار النعيم، حيث كان أول من استوطن ما سماها "دار السلام" تيامنا باسم الجهة التي بها جده الشيخ محمد فاضل بن مامين، قبل أن تتوسع لتصبح دار النعيم المقاطعة الحالية، وقد قال فيه أبوه أمَّمَّ "إنه من أبنائه الذين لم يلهمه الله ما فيهم هو وأخته الأمينة، فرد عليه القطب بأنه ليس وعاء يمكن لأحد أن يعرف ما فيه، حيث ظهر منذ ولادته وحتى الآن بأنه ولي من أولاء الله تعالى مستجاب الدعاء وكريم النفس لا يبارى في العلم الظاهري والباطني . 9 غيثي ( حفظه الله وأطال عمره) : إسمه الصحيح محمد الغيث، لكن غلبت عليه كنية غيثي، ولا بأس فذات الكنية لعمه الذي هو سميه ، وهو أصغر ذرية أمم من الابناء والبنات . ولد غيثي ولد أمَّمَّ في مدينة أطار ، ويتميز الأستاذ غيثي برحابة صدر وطيبة تلازمانه، وقد انخرط في سلك التعليم والتدريس ، وهو أحد المؤلفين والمؤرخين الكبار، وله بحوث وكتب ومقالات، ومقابلات منشورة تكشف عن فضاء رحب من سعة المعرفة لدى هذا الشيخ الفاضل، العارف والعابد والملتزم. بنات الشيخ أمم رحمه الله : بوبه لعزيزة: ولدت باجريف حوالي 1896م، وتوفيت رحمها الله سنة 1973م بمدينة أطار، وهي معروفة بالعلم والعبادة، وحفظ القرآن الكريم، وقد باعت إزارها الفاخر أثناء الحرب العالمية الثانية لشراء أفضل الأطعمة لضيوفها، حينما سادت مجاعة في تلك الفترة من الزمن. الأمينة: ولدت باجريف حوالي 1900م، وتوفيت بتيندوف سنة 1978م رحمها الله، وقد اشتهرت بالعلم والولاية، ولها أتباع بتيندوف ومناطق لحمادة، وكانت منفقة في سبيل الله، تربي الأيتام، وتزكيهم، وتزوج الأسر وتدفع مهورها. وقد لعبت بعض أدوار أخيها المغفور له الشيخ محمد معروف بعد وفاته إلى أن قدم إبنه الأكبر (أمَّمَّ) محمد المامون إلى تلك البلاد، وهو موجود حاليا بتيندوف (الجزائر) يشرف هناك على زاوية أبيه الشيخ محمد معروف. اخديجتنا الملقبة (الديده): ولدت باجريف سنة 1907م وتوفيت رحمها الله سنة 1984م بأطار، وهي مشهورة بالولاية والعلم والآداب، وحسن السيرة، والأخلاق والكرم. مريم: تلقب (آيه): مولودة حوالي 1909م بانتيد، ومتوفاة 1991م بمدينة أطار وهي ذات فضل وكرم وخلق رفيع وقد اشتهرت بحسن الضيافة والتربية الخلقية، وحسن الهيئة، وجميل الصنائع والعلم. ولأبناء أمَّمَّ كما لبناته مستوى من الفضل والتصوف، وشرف النفس الدال على سمتهم الشامخ، وبيتهم الرفيع، المحافظ على العرض والنسب، والكرامة التي هي أغلى ما يملكه المرء. نهج أسرة أهل أمَّمَّ في التصوف: لقد كان الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ) وليد المدرسة الصوفية الفاضلية، ولكنه في نفس الوقت لا يعتمد على أبيه الشيخ محمد تقي الله، ولا على جده الشيخ محمد فاضل بن مامين، بل يعتمد على شهود ربه، حيث يقول في ذلك ما نصه: أخبرتني شهود رب العلي وليس من شيخ ولا من عمل بل هو من فضل الكريم يهب لمن يشأ، ومن يشأ يعذب ومن يشاهد او يجول ذا المجال فشأنه تصديق قولي ذا المقال وغيره فعذره جهل يراه الشيئ من جهله قد عاداه إلا أن الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ) لم يكن هو أول هذه المدرسة الصوفية التي تعتمد على الله جلت قدرته، لكنه وحده من أسرته. وقد أخذ الشيخ أمَّمَّ الطريقة الصوفية الفاضلية القادرية عن أبيه الشيخ محمد تقي الله، وذلك عن أبيه الشيخ محمد فاضل، وذلك عن أبيه الشيخ محمد الأمين، فالطالب اخيار، فالطالب محمد أبي الأنوار، ثم أبيه أجيه المختار وهلم جرا .. ولم يأخذ أية طريقة إلا عن أبيه الشيخ محمد تقي الله. وكخلاصة فإن أسرة أهل أمَّمَّ غنية عن الإشادة والتنويه، لما حافظت عليه من محامد وفضائل، تبرهن على شرفها الضارب في عمق الوجود. هذه الأسرة الشريفة العريقة معروفة بالصلاح والفضل، والولاية، والكرم والإنفاق، وقيم مثالية أخرى دلت عليها سير وحياة المشاييخ العظمى أبناء الشيخ محمد المامون (أمَّمَّ)، لاسيما الشيخ الأكبر أعل الشيخ الذي لا تعد شمائله، لولايته وصلاحه. ولا شك أن لإخوته أيضا فضل وصلاح تواتر ذكره وأثره بين الناس.. والكل أخلاف لأسلاف فضلاء وأولياء وشرفاء مجاهدين وأسياد، يعرف فضلهم، وصلاحهم في أرجاء فسيحة من الدنيا. إن السيادة والريادة لهذه الأسرة الشريفة الطيبة، جعلت منها قطب الرحى، وواجهة القصد، ووجهة الناس لقضاء حوائجهم، والتبرك، وطلب الدعاء والاستشفاء، والتقرب من ينابيع صافية وزلالة لدوحة الشرف الأعظم. وقد عرف عن أبناء وأفراد هذه الأسرة المعروفة إحترامهم، وتواضعهم، وتمثلهم بقيم الفضل والإحسان، والإنفاق في سبيل الله والتعايش على أرضية متساوية ومتجانسة مع الآخرين من منطلق الروح الإيمانية الخالصة، والثقة في النفس، والخلق المتأصل في كيان الذات.