يقول الله تبارك وتعالى: وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ أُوْلَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُوْلَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ.
اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى إبراهيم في العالمين إنك حميد مجيد.
وما كان قيس هلكه هلك واحد .. ولكنه بنيان قوم تهدما
تواريخ الأعيان تبدأ بالميلاد وتنتهي بالوفاة، وما بينهما لحظات وعواجل لم يسمح تلاحقها في حياتهم بذكرها، إذ هم وقتذاك أكبر من أفعالهم، والشيء من مأتاه لا يستغرب، أما وقد رحلوا ومحاسنهم، فلم تبق إلا عوالم تنير الطريق للسالكين دروب الخير والصدق والوفاء، بما فيها من عنت طِلاب السيادة ومعالي الأمور.
لولا المشقة ساد الناس كلهم … الجود يفقر والإقدام قتال
ومن بين هؤلاء بل هو هم جميعا ولا نزكي على الله أحدا والدنا سيدي ولد الحضرامي ولد أحمد، رحل نحسبه عند الله شهيدا بعد وعكة لم تطل، وكانت له طهرا بإذن الله.
ميلاده عام 1938 كان من اللحظات الخالدة في تاريخ ولاية آدرار شمالي موريتانيا، وأيامه كانت ريا لما ولد معه من المروءة، إذ هو من الأشراف آل شمس الدين الذين إذا لم ينفعك قربهم فلن يضرك مطلقا، وفي أموالهم حق معلوم للفقير والجار. ركبان المنكب سرت بمحامدهم وطافت مآثرهم الآفاق.
ربطتني بفقيد المروءة أبوة ثانية، شدت فضائله أواصرها، وروت مودته مغارسها، وله في ذلك ناقة وجمل، وديْن علي لن أوفيه حقه ما حييت، فاجعل اللهم شآبيب رحماتك صبا على قبره ما كر الجديدان، واحشرنا وإياه في زمرة محمد صلى الله عليه وسلم.
و عزائي لنفسي أولا، وآل بيته الأبرار، ولتجد المروءة ومكارم الأخلاق عزائي أيضاً، أما المساجد وبخاصة الجامع السعودي فلا أعرف أي سواريه ستبكيه، والراجح عند جماعة المسجد أنها جميعا. وللراحل بواك أُخرُ، مجالس الصلح، والإنفاق، وإطعام الناس وأنا على ذلك من الشاهدين.
وإن أقصى أماني المرء أن يعيش كريما طرفا من هذه الدنيا، ويترك من بعده عقبا صالحا، وقد كان للراحل كل ذلك، فعزاؤنا جميعا في ذريته الصالحة نسأل الله أن يبارك فيها وأن تكون خير خلف لأفضل سلف. وإني لأشهد أن بينهم والمروءة أسبابا، وعرى غليظة، فتلت بالكرم والدين ومعالي الأمور، ولن ينقض بإذن الله ذاك الغزل.
فالبركة تنمو بالشكر ومنه رضعوا، وعليه شبوا. وإن كان من أنفس تولد في الخير وتحيا عليه ثم يختم لها بالحسنى، فمن بينها نفس والدنا سيدي ولد الحضرامي ولد أحمد، نحسبه كذلك ولا نزكي على الله أحدا، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
أحمدو الشريف المختار