إذا كان قانون الإجراءات الجنائية يحدد ، بيان المساطر التي تتبع عند وقوع الجريمة بهدف ضبط مرتكبيها والتحقيق والحكم فيها وكيفية تنفيذ ذلك الحكم ، و كذلك تنظيم الأجهزة والهيئات التي تتولى ضبط الجرائم والتحقيق فيها ورفع الدعوى العمومية بشأنها ومحاكمة المتهمين فيها ( الضبطية القضائية ـ النيابة العامة ـ قضاة التحقيق ـ قضاء الحكم، سلطات التنفيذ العقابي) ، فإن كلمة "الأمن" تحيل إلى الهدوء والطمأنينة والراحة والثقة والحرية وهي ضد الخوف والرعب ... وقد تعددت تعريفات الأمن لكنها تتفق في نتيجة واحدة وهي "توفير حياة كريمة للإنسان" ، فالأمن من أهم مقومات الحياة الإنسانية ، فهو الذي يوفر للإنسان الاطمئنان على حياته وعرضه وممتلكاته، و يسمح له بتوظيف مَلَكاته وإطلاق مَهاراته، ومن ثم فإن الأمن من أهم مقومات الدولة، لأنه يشكل ضمانة للاستقرار والازدهار والتنمية ، ذلك ما ترجمته زيارة معالي وزير الداخلية واللامركزية لولاية انواذيبو صحبة قادة الأجهزة الأمنية ،بهدف الوقوف على التدابير الأمنية التي تم اتخاذها تعزيزا للمنظومة الأمنية من أجل حماية المواطنين والمقيمين ، وإشراك مختلف الفاعلين في مكافحة الجنوح الاجرامي، تجسيدا لإرادة فخامة رئيس الجمهورية وتنفيذا لبرنامج حكومة معالي الوزير الأول الذي يعتبر الحفاظ على الأمن أحد أهم مرتكزاته .
تعتبر الجريمة من أخطر منغصات أمن الأفراد والمجتمعات و الدول... ويختلِف مفهومها ، حسب المَنظور الذي تتم من خلاله، ونعني بها ها هنا " الأفعال التي تتعارض مع قواعِد وأعراف المجتمع، ويحصل من جرائها الضرر، ويعاقب عليها القانون" .
وقد شهدت الجريمة تطورا و انتشارا وتنظيما أكثر من أي وقت مضى بسبب الطفرة الهائلة في التكنولوجيا و تعدد وسائط التواصل... وتختلف أسباب ارتكابها ،فمنها ما هو اجتماعي و اقتصادي وثقافي، ومن أهمها" ضعف الوازع الديني، الإهمال الأسري، الصحبة السيئة، التسرب المدرسي، الجهل ، الفقر، البطالة، الإعلام المدمر، الإحساس بالغبن ، والجهل بالقانون...الخ".
وبسبب توافر بعض الأسباب السابقة، يتشاءم البعض ويسمي الأمر انفلاتا أمنيا ، محملا أجهزة الأمن وحدها المسؤولية معتبرا أسباب وقوع الجريمة ناتجة عن غياب العين الساهرة على أمن الوطن.
الفهم الفهم أيها المواطنون الأعزاء، فالظاهرة واضحة الأسباب بينة المعالم لا يحتاج تشخيصها إلى عناء ولا تخصص، فهي وليدة الأسباب السابقة وضررها عام ومحاربتها والوقاية منها واجبة على الجميع : " القضاء والأجهزة الأمنية والأسرة والمسجد والمدرسة والجامعة ووسائل الإعلام والجمعيات والنوادي والمقاهي ومنظمات المجتمع المدني".
صحيح أن الشرطة في الواجهة لكن مهمتها ليست في القضاء على الظاهرة بالبرامج التربوية و الثقافية والاقتصادية وإنما تنحصر مسؤوليتها في منع الجريمة قبل وقوعها بالتعاون مع الجميع، واكتشافها، والقبض على الجناة ، و تنفيذ العقوبة الصادرة بحقهم ، و المحافظة على الأمن العام والآداب.
ومهما كانت مواقف البعض ورغم جميع التحديات ، فإن أجهزتنا الأمنية كانت محظوظة في الغالب بفك شفرة الجريمة والقبض على المجرمين بمهنية عالية وفق الإجراءات القانونية ذات الصلة ، فهلا أدركنا جميعا أن الوطن أمانة في رقابنا جميعا وأن الحفاظ على الأمن مسؤولية الجميع؟ .
إسلم ولد امينوه