رغم مآخذ البعض على الحجاج بن يوسف الثقفي إلا أن معظم الدارسين اتفقوا على أن توليته على العراق هيأت للأمويين مايزيد على نصف قرن من الاستقرار والأمن؛ وللخلافة الإسلامية مثل ذلك من الوحدة والتفرغ للفتوحات.
لم يتراجع رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني قيد أنملة عن كلامه الذي قال يوم إعلان ترشحه حين قال (ما من الله علي به من تربية) حتى حينما دعت الحاجة لذلك؛ بعد حملات التشويه والتسريب والدعوات المغرضة التي تستغل وسائل التكنولوجيا الجديدة، فرغم إصراره على محاربتها وإعلانه عن العمل على وضع قوانين تضبطها إلا أن خطابه كان مقيدا بأمراس التربية والأخلاق المنقوشة في حَجَره منذ الصغر.
ورغم أن الكلمات كانت قوية وحازمة وتركت صدى واسعا؛ فقد كانت مجرد إعلان توجيهي يمكن أن يشكل درسا في التهديد بطريقة ديبلوماسية (لا أنصح بذلك) بعيدا عن الخطاب الشعبوي وسَقَط الألفاظ.
وإذا عدنا قليلا إلى الوراء لأجل المقارنة؛ فإننا سنجد من جلسوا على نفس المقعد أو مقعد مماثل؛ منهم من شبه أصحاب التجاوزات الألكترونية بالقطط (لمشوشة) ومنهم من أطلق عليهم ذباب ومنهم من سماهم خفافيش؛ مع كيل أطنان من الوعد والوعيد؛ ليتأكد أن الفرق بين غزواني والآخرين يمكن في علو سقف التربية؛ وهي أشياء لا تشترى.
القانون كان السلاح الذي أشهر الرئيس في وجه الضالعين في تلك الشبه؛ مشددا على عدم المساس بالحريات واضعا خطوطا حمراء في وجه أي مساس بالأمن والسكينة؛ تلك أرقام المعادلة؛ رغم أن كل السبل مشرعة أمام الرئيس في ظل ضخامة التجاوزات التي تحصل على الفضاء العام من خلال تلك الوسائط؛ لكنه أصر على إفرادها بقوانين خاصة تحكمها؛ وتوضع أمام ممثلي الشعب في البرلمان؛ حتى يكون الأمر خالي من أي تجاوزات من جانب الجهاز التنفيذي؛ ومن قتلته الشريعة فلا أحياه الله.
عاش الرئيس معظم ماضيه في جو الانضباط العسكري، ومن غير المتوقع منطقيا ممن شاب في جو منضبط بمعايير المسطرة أن يترك الحبل على الغارب للفوضى والفوضويين كي يخربوا وحدة وطن قضى حياته في مؤسسة دفاعه.
وكما وُفق الرئيس في الكلام وفي توقيته، فقد وفق أيضا في استجلابه للسياق العام للحديث، فأي حديث عن الأمن الغذائي يحمل في ثناياه شتى صنوف الأمن؛ لأن الأمن عموم لايتجزأ وأي خرق في إحدى زواياه يعد خرقا له؛ وأي خرق له سيان أكان واقعيا أم افتراضيا فإنه يسمى خرقا؛ والخروق تجر بعضها على نسق السّبحة التي انقطع خيطها الناظم.
أعلنها الرئيس مجلجلة أن لا مساومة في المساس بالأمن؛ ولا مساس بالحريات، وبين هاتين النقطتين مجال واسع لكل من أراد التعبير عن رأيه بصيغة مقبولة تحترم الأعراف والقوانين.
أحمد محمد الدوه
مكلف بمهمة لدى رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية