
رحل اليوم أحد أهم بناة الدولة الوطنية في موريتانيا، هوالشخصية الإدارية والسياسية المتميزة أحمد ولد ابا ولد امين.
كان الفقيد العزيز من الدفعات الأولى التي تلقت تعليمها فيالمدارس الفرنسية، لكنه أكمل تكوينه الثانوي والجامعي وتخرجمن المدرسة الإدارية العليا في باريس، فكان بحق من أوائلالإطارات العليا في البلاد.
وعندما استقلت موريتانيا عام 1960، عين الفقيد مديرا عاماللداخلية في مرحلة كان الرئيس المختار ولد داداه رحمه اللهمحتفظا بحقيبة الداخلية، فكان في الحقيقة وزير الداخليةوالمسؤول عن ضبط النظام الإداري للدولة الحديثة وهي المهمةالتي قام بها بكل اقتدار ومهنية وكفاءة.
تولى المرحوم أحمد ولد ابا مسؤولية القيادة الإدارية في عدد منولايات الوطن، من شرقه وشماله ووسطه، فخلف الذكر المحمودوربط الصداقات القوية التي احتفظ بها إلى آخر أيام حياته، وقدعرف في كل المناطق التي عمل بها واليا، بخدمة الناس والعدلوالحكمة مع التواضع الجم والكفاءة النادرة.
وقد تولى من بعد مسؤولية المفتش العام للدولة والمديرالمؤسس لشركة الخطوط الجوية الموريتانية، قبل أن يتولىمسؤولية رئاسة المحكمة العليا وهي آخر وظائفه الحكومية.
ومع أن الفقيد كان طيلة حياته المهنية في المسؤوليات الإداريةالعليا، كما أنه كان صديقا للرئيس ولد داداه وشديد القرب منه، إلاأنه احتفظ بنزعة ثورية نقدية، فكان يعبر عن مواقفه بصراحةوشجاعة في قوالب شعرية رائعة، إلى حد أن الإمام بداه ولدالبوصيري كان يطلق عليه تحببا “صاحب احويويص“.
وهكذا كان ينتقد بصراحة كل الأخطاء السياسية للنظام منتعيينات وقرارات، إلى حد الانحياز القوي لثورة جمال عبد الناصرفي العهد الاستعماري وأولى سنوات الاستقلال، والوقوف معالثورة الجزائرية واستقلال غينيا المبكر عن فرنسا، مع التنديدبتزوير الانتخابات والمطالبة بالحريات العامة واحترام إرادةالناخبين.
كان الرئيس الأسبق المرحوم ولد داداه يتقبل برحابة صدر هذهالانتقادات الصريحة، إلا في حالات نادرة.
بعد تقاعده في بداية الثمانينيات، انشغل الفقيد بأعمال البروالخير وانقطع للعبادة وخدمة الناس، وسخر جهده ووقته لهذهالأعمال النبيلة الفاضلة، فكان بحق رجل الدنيا والآخرة.
رحم الله أحمد ولد ابا وجزاه خيرا عن بلاده وانا لله وانا اليهراجعون. صحراء ميديا