في الثالث من أبريل 2002 رحل ويده لم تلامس نقودا ولم تدخل جيبه يوما، ولم يشغل نفسه ولا وقته بغير كتاب الله وعلومه تدريسا وتلاوة..
كان عابدا عالما زاهدا تقيا كريما ومنفقا، لا تمل شفتاه ترديد آيات القرآن الكريم ولايُعيِ أنامله الإشارة على "احمرار" أو اجازة "اكحلال".. كان مرجعا وعلما من أعلام حفظة القرآن، ورافعة من رافعات مدارس ابن عامر التي كان من أبرز مدرسيها وأهم مستشاريها..
سليل أسرة أشراف راسخة الأقدام في العلوم والمعارف، يعود لها الفضل في تأسيس أكبر محاظر الحوض الغريي وأفله، محظرة طلبتن أهل محمد بانم، التي أسسها إلى جانب أخيه محمد فال محمد بانم ولا تزال لوقتنا هذا تدار بإشراف من طالبن الديه ولد محمد بانم بن العلم العابد بداه، ويعود لها الفضل في تخريج الكثير والكثير من العلماء الأجلاء والحفاظ الكرام، وورد ذكرها في أكثر من مرجع وكتاب، وأفرد لها الخليل النحوي مساحة في كتابه المنارة والرباط، إلى جانب ذكر محاظر أبناء عمومته، حرم ولد الخضر وعبد الرحمن ولد الخضر، التي شكلت هي الأخرى معالم معرفية وقلاع تدريس في مراحل أخرى من تاريخ مجتمع عرف بحفظه وحبه لكتاب الله وتمسكه به نهجا وأسلوبا، فكان يتوارثه كابرا عن كابر، ولم يخل بيت من بيوت مجتمعه أهل "الطالب عبد الله" على مر العصور من حافظ مجاز في القرآن مجيد ومتقن لعلومه..
لم يكن طالبن عبد فال ولد محمد بانم الملقب "بداه" مجرد رجل دارس أو مدرس، بل كان رحمه الله رمزا معرفيا و منتظما من القيم والفضائل والشمائل عز لها نظير وقل لها مثيل..
رحمه الله بواسع رحمته وأسكنه فسيح جنانه وبارك في ذريته إنه ولي ذلك والقادر عليه.
ملاحظة؛
رغم الواجب، وللأمانة كتبت نزولا عند كريم طلب أخي الأصغر وتلميذ طالبن المحبب سيدي محمد ولد آبيه ولد أمان فله الشكر مسبقا.