إستوقفتني كثيرا ردود العلامة الشيخ عبد الله ولد بي حفظه الله و بارك فيه، على أسئلة رئيس وزراء دولة باكستان، و مما خطف عقلي و قلبي قوله أن التغيير الكبير الذي جاء بالعرب البدو الأميين المتخلفين لقيادة الحضارة البشرية، بفعل إيمانهم بما جاء به محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن بفعل خَلْقِ مهن جديد أو التوجه إلى حرف معينة أو إبتكار تكنولوجي تُقَلًلُ من مدخلات الإنتاج و تُكَثًرُ المنتوج..... إنما أقر ما كان من حرف و مِهَنِِ و تجارة و زراعة... ولكنه صلى الله عليه و سلم أحدث ثورة لم يشهد التاريخ لها مِثالا، و ذلك بإعتراف مفكري و فلاسفة الغرب أنفسهم و ذلك من خلال:
١- تحرير الطاقات الكامنة في الفرد من أغلال الوثنية و التخلف و التبعية، وجعله مرتبط بالله وحده، في أفعاله و أقواله، مدرك بأن لا معبود بحق إلا الله وحده لا شريك له، يعلم علم اليقين بأن الله يراه و يسمعه و أنه سبحانه و تعالى جعل عليه حفظة كراما يكتبون أفعاله و أقواله و أنه محاسب عليها، هذا الرقيب الذي أصبح كل فرد يستشعره، فجر الطاقات الكامنة و جعل المسلم يعمل بكفاءة و إخلاص؛
٢- العامل الثاني الذي ساهم في الإنجاز الحضاري العظيم الذي حققه رسول الله صلى الله عليه وسلم، هو الدعوة إلى مكارم الأخلاق و التحلًي بها و ملازمتها( الصبر، الأخوة في الله، الصدق، الإنفاق، الإثار، التعفف، ترك الغيبة... ) فكان مجتمع المدينة مثالا على كل معاني مكارم الإخلاق، و أصبح أكثر وحدة و تماسكا و إستقلالا، و أكثر إنتاجا و إنتاجية؛
٣- العامل الثالث من عوامل البناء الحضاري الذي ساهم في بناء الحضارة الإسلامية التي ملأت الدنيا، فهو عامل الطاعة، فمجتمع مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كانوا جميعا يتنافسون في طاعة رسول الله صلى الله عليه وسلم و خدمته، و كان لهذا العامل الدور الكبير في توحيد العمل و توحيد الهدف، مما يمنع تشتت الجهد و الفرقة، و يستوجب الحصول على أكبر عائد معنوي و مادي.
يمكن القول بأن العوامل الثلاثة السابقة( الرقيب الرباني، التحلًي بمكارم الأخلاق، طاعة أولي الأمر )، هي عوامل البناء الحضاري السليم، و بالرجوع إليها يعم العدل و تتجسد الوحدة و تتعاظم الإنتاجية المادية و المعنوية.
عليكم بسنة رسول الله فيها الخلاص من التخلف و التبعية و النجاة من عذاب القبر و الفوز بالجنة.
بأبي و أمي أنت يا رسول الله صلى الله عليك وسلم.
حفظ الله شيخنا العلامة عبد الله بن بي.و نفع الله الأمة بفهمه الواضح لنصوص الشرع و أفكاره العظيمة.
د محمد الأمين شريف أحمد.