بعد مضي قرابة نصف المأمورية بدأ رئيس الجمهورية يعيد ترتيب الأوراق السياسية ومحاسبة الخوالف عن تنفيذ برنامجه السياسي، والمتجاوزين في التسيير، والأهم هو تغيير الواجهة السياسية وإحالة بعض الوجوه لمقعد البدلاء أو الفريق الرديف .
في أطار ا لتغيير التي سيشهدها “الحزب الحاكم” جمع لقاء استمر لعدة ساعات مؤخرا جمع رئيس الجمهورية برئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية في القصر الرئاسي تسربت معلومات جد هامة حول تململ “التكنوقراطي” سيدي محمد ولد الطالب اعمر من نفوذ أبرز نوابه ويتعلق الأمر بالوزير الأول السابق يحي ولد الوقف والخليل ولد الطيب، وكذا تذمره من مغاضبة نائب الرئيس جيندا بال المستاءة من سجن زوجها عبد الباقي ولد احمد بوها أبرز مساهمي مصرف NBM المفلس.
رئيس الحزب دعا للتكاتف مع السلطة في محاربة الفساد وذلك في أول خرجة إعلامية له بعد لقاء ولد الشيخ الغزواني.
لكنو”السلطان” نفسه انتهت مهمته أو شارفت على النهاية وسيتم استبداله في مؤتمر طارئ مرتقب بإحدى شخصيات ثلاث أو اربع حسب ما يتم تداوله ويتعلق الأمر بالنائب حمادي ولد اميمو أو سيدي محمد ولد محم أو مولاي ولد محمد لغظف وربما يتم الدفع بجنرال الاحتياط محمد ولد مكت للواجهة السياسية عبر الحزب حتى تتم تهيئته لرئاسة البرلمان لاحقاً .
ولعل من بين أبرز أسباب تأجيل الحوار السياسي هو إعادة ترتيب البيت الداخلي للأغلبية الحاكمة، والنظر في تقليص نفوذ بعض الواجهات السياسية المتفحمة .
من المؤكد أنه لا تغيير في سياسة أجواء التهدئة السياسية مع المعارضة الراديكالية التي باتت تصف عهد غزواني ب”العافية”، ولكن تلك التهدئة ليست مع المتخاذلين في تنفيذ برنامج رئيس الجمهورية في السلطة التنفيذية أو الذراع السياسي وإن كانت تجري بشكل قد يراه البعض بطيئاً.
كما سيتم الضرب بيد من حديد داخل قفاز من حرير على كل لوبيات النفوذ القبلي والشرائحي، بعد أن تعالت المطالب بضرورة أفول نجم هؤلاء ممن يوصفون ب”الكارت المحروق” وواجهات الأنظمة السياسية سواء في المعارضة أو الحزب الحاكم، ما دفع رئيس الجمهورية لتدارس هذا الواقع مع أبرز أركان نظامه و مستشاريه والدفع باتجاه المزيد من رفع وتيرة المشاريع المتعثرة.
و من الملاحظ تنامي نفوذ بعض هؤلاء بدعم من المجموعات القبلية، الشيء الذي أثار حفيظة الرأي العام وأطراف في السلطة ذاتها، ودعا لضرورة “تقليم أظافر” هؤلاء، عبر تفعيل آلية محاربة الفساد ونبذ الخطاب الجهوي والقبلي والشرائحي.
حيث شهدت بعض المؤسسات العمومية الهامة والحيوية إقالة مديرين يحسب بعضهم على تلك اللوبيات القبلية، و هي في حقيقتها لا تشكل كتلة جامعة وإنما جماعات متصارعة فيما بينها على الامتيازات والمناصب، وقد وصل الأمر لدعوة بعض المنتمين لها من المحسوبين على تيار اليسار لتغيير في قيادة المؤسسة الأمنية .
وهو ما دفع النظام –من بين امور اخرى- للبدء في التغيير الفعلي للواجهة السياسية ومواطن النفوذ السياسي للنظام الحالي، والذي اعتمد سابقا منهجاً بدون أحكام مسبقة وصلت حد بقاء وزراء وردت أسمائهم في التقرير البرلماني بمناصبهم حتى استدعائهم من قبل العدالة للشهادة في ملفات فساد.
وربما يأتي خطاب نبذ الكراهية والتصورات النمطية داخل المجتمع والتي تحدث عنها رئيس الجمهورية في ودان -واعاد تكرارها رئيس الجمعية الوطنية في ختام الدورة العادية الأولى للجمعية الوطنية- ضمن رؤية شاملة للنظام من أجل تعزيز المواطنة وتوجيه الخطاب بشكل مباشر للمواطن دون الاعتماد بشكل كلي على ما يعرف بكبار الناخبين من شيوخ القبائل والطرق الدينية .
ضف إلى ذلك جهود محاربة الفساد، حيث تعتمد لوبيات الضغط على أموال الفساد في تدجين الناخبين والتسوير عليهم داخل كانتونات تسمى بالمجموعات السياسية في الولايات والمناطق.
فبعد “تلف العقار” وتنامي نفوذ جماعات الضغط القبلي، والقصور الواضح في تنفيذ برنامج رئيس الجهورية من قبل الجهاز التنفيذي والسياسي، بات التغيير أمراً يفرضه الواقع الاقتصادي والسياسي للبلاد، وما تشهده المنطقة الغرب أفريقية من أزمات كبيرة تستدعي مراجعة عميقة للسياسات.
المؤكد أن رئيس الجمهورية انتهج سياسة اجتماعية ناجعة تجاه الطبقات الهشة أو كما يسميها بالمغبونة لمحاولة أن يوضع شيء في كفتها بعد سنوات الحرمان والشعارات، حيث تضاعفت الميزانية المرصودة لهذه الفئات من المواطنين، كما تم استهداف الطبقة المتوسطة والتي تتشكل أساسا من الموظفين وذلك بزيادة الرواتب ومعاشات التقاعد.
وبالمقابل ينتظر أن يتم كبح جماح الإقطاعيين والمشتبه في سوء تسييرهم من الموظفين والأغنياء بدون سبب.
يقال بأنه كان في قصر الرشيد 25 مسؤولاً جميعهم من البرامكه يشاركون في تسيير الحكم وتدبير شؤونه، ويزاحمون في المناصب والمراتب، وما مر الرشيد في احد اسفاره على قصر ولا ضيعة إلا قيل له هذه لفلان البرمكي.