كارثة عطش النخيل في آدرار بين إهمال الدولة وتقصير أبناء الولاية

سبت, 02/26/2022 - 12:51

عرف الموريتانيون زراعة النخيل منذ قرون، واتخذوا من ثمار النخلة دواء وغذاء، ومن جذوعها وأغصانها سكنا وفراشا، وتشكل زراعة النخيل العمود الفقري للاقتصاد المحلي في ولاية آدرار، كما قامت على أشجار النخيل وثمارها العديد من الصناعات التي أصبحت مصدرا للثروة، على المستوى الوطني، وخاصة في ولاية آدرار التي تحتل الصدارة في إنتاج التمور بلا منازع، وظلت ولاية آدرار تتربع على عرش الولايات المنتجة للتمور عالية الجودة في موريتانيا، بالإضافة إلى ما تنتجه "لكراير" الكثيرة والخصبة من الحبوب، مقدمة بذلك مساهمة معتبرة في الناتج الوطني الخام، ومؤمنة العيش الكريم لآلاف المواطنين في تلك الربوع الجميلة، من خلال هذه الثروة الاقتصادية الكبيرة.

غير أن هذه الثروة أصبحت مهددة بالزوال أكثر من أي وقت مضى، نتيجة الجفاف الحاد، الذي توالت سنواته على ولاية آدرار، مخلفة أضرارا بالغة التأثير على واحات النخيل، نذكر منها على سبيل المثال لا الحصر، نضوب المياه في أماكن كثيرة من الولاية، وانخفاض منسوبها وملوحتها في أماكن أخرى، هذا فضلا عنما قد يلابس النخيل من أمراض خفية، الشيء الذي أدى إلى موت آلاف النخيل، في أنحاء متفرقة من الولاية، ويهدد باختفاء ما بقي منه إذا ما اتخذت تدابير استعجالية لانتشاله من مصير الهلاك الذي هو آيل إليه.

لقد ألحق الجفاف والأمراض ضررا بالغا بواحات النخيل في آدرار، بالإضافة إلى ظاهرة حفر الآبار الارتوازية التقليدية، من دون دراسة علمية، واستنزاف البحيرة الجوفية، عن طريق الطاقات الشمسية والمضخات، والاستغلال غير المعقلن لهذه الثروة المائية المحدودة، مما أدى إلى انخفاض مستوى المياه وملوحتها، عوامل كلها أدت إلى موت النخيل، عطشا أو تأثرا بالملوحة، هذا إذا لم يكن هناك مرض ينخر أجسام النخيل.

الزائر لولاية آدرار اليوم، يلاحظ دون عناء، انتشار ظاهرة الموت الجماعي للنخيل، على عموم ترابها، الأمر الذي يستدعي التدخل السريع من طرف الدولة، من خلال البعثات والخبراء والهيئات المختصة، من أجل إجراء تشخيص علمي، لأسباب كارثة نفوق النخيل، وتقديم تصورات عملية للحلول المناسبة، وتنفيذها على الفور، عسى أن يجدي التدخل نفعا بعد ما آل إليه الوضع الكارثي للنخيل، حيث ماتت آلاف، وآلاف أخرى تحتضر.

لن نمل من تكرار نداء الاستغاثة حتى نحصل على الاستجابة المطلوبة من وزارة الزراعة، لانتشال ما بقي من النخيل على قيد الحياة في ولاية آدرار، وإسعاف آلاف المزارعين المنكوبين جراء هلاك ما يمتلكون من النخيل، الذي يشكل مصدر عيشهم، حتى لا يصبح آلاف المواطنين في مختلف بلديات الولاية مشردين وعالة على الدولة.

لقد دأبت الدولة - وهذا واجبها الطبيعي- على التدخل السريع كلما حلت كارثة طبيعية بأي مكان من أرض الوطن، من أجل التخفيف من معاناة المواطنين، وإيجاد الحلول المناسبة للمشاكل المطروحة، هذا ما يغذي أمل سكان وملاك الواحات في آدرار رغم تفاقم الكارثة، وتصامم الجهات المعنية والمختصة إلى حد الآن وفق تعبير الكثيرين.

وبموت آلاف النخيل، وعطش الآلاف، ونفوق الثروة الحيوانية، وعدم توفر السدود حول "لكراير" و "الأودية" الزراعية، يكون الاقتصاد في ولاية آدرار قد أصبح قاب قوسين أو أدنى من الزوال، ما لم يحصل تدخل قوي وسريع من طرف الدولة، توازيه هبة جدية من طرف أبناء الولاية.

 

الكاتب الصحفي /عالي ولد أعليوت