الشيخ زايد رحمه الله هو الذي بادر كأول رئيس دولة عربية اتخذت قرار قطع البترول عن أمريكا والغرب، وكنت أنا شاهد عيان على هذا الحدث التاريخي، حين طلب منى أن أصله بوزير البترول الإماراتي مانع العتيبة أثناء اجتماع أعضاء دول الأوبيك الدول العربية للبترول، قبل أن ينتهي المؤتمر، وبعد ما أوصلته مع الوزير سمعته يعطيه تعليمات بإعلان أمام مؤتمر صحفي فى الكويت قرار الشيخ زايد بقطع البترول، وقال قولته المشهورة : إن البترول العربي ليس بأغلى من الدم العربي”.
وبعد قراره اتخذت المملكة بعد يومين نفس موقف الشيخ زايد، وهذه شهادتي للتاريخ حتى لا يضيع الحق فى زحمة فرق النفاق، وليعرف المصريون الموقف المشرف للشيخ زايد، ووقوفهم مع أشقائه المصريين ما يؤكد عروبته المخلصة للأمة العربية، ودعمه المالي للقوات المسلحة أثناء حرب أكتوبر بشهادة الرئيس المرحوم حسني مبارك، عندما قابلته مندوبا من قبل المرحوم الشيخ زايد للتعزية فى استشهاد المرحوم الزعيم أنور السادات، حيث أبلغني حينها شكره العميق للشيخ زايد، على دعمه المالي الذي استفادت به القوات الجوية، لتامين قطع الغيار للطائرات المقاتلة، وموقف الشيخ زايد بقطع البترول قد فتح جبهة واسعة مع الأمريكان والعرب لتحقيق الضغط على إسرائيل للانسحاب من سيناء، منتصرا لمصر، ومشاركا حقيقيا فى معركة الشرف العربية.
وأنا أكتب هذه الأحداث للتاريخ بكل تجرد وإخلاص لرجل عاش عمره يمثل الضمير الحي للأمة العربية، وكان يسعى دوما لتضميد جراح أمته العربية، ومبادراته بالإصلاح بين الأشقاء من أجل تحقيق وحدة الصف العربي، ويؤمن بأن مصر هي الركيزة الاساسية لمستقبل الأمة العربية، والقاعدة الوحيدة لأمنها القومي، والجدير بالذكر أنه قبل قيام إسرائيل بغزو لبنان توجه المرحوم الشيخ زايد لمقابلة الملك خالد لإعادة العلاقات مع مصر، وأن تكون فى المواجهة مع العرب لصد العدوان الإسرائيلي الذى سوف تقوم بتنفيذه إسرائيل، بعد أن أبلغ الشيخ زايد ياسر عرفات بأن إسرائيل تبيت نية الغزو، وقد طرح المرحوم موضوع عودة العلاقات العربية مع مصر، لضرورات الأمن القومي، والقوة الوحيدة فى العالم القادرة على رد كل أنواع العدوان على الوطن العربي.
وهو الزعيم العربي الوحيد الذى حطم الأغلال التى تعيق عودة مصر للعالم العربي، عندما أعلن بعد انتهاء مؤتمر القمة العربي فى عمان فى الأردن عودة العلاقات الدبلوماسية مع جمهورية مصر العربية، وأرسل معالى راشد عبدالله وزير خارجية الإمارات حاملا رسالة للمرحوم الرئيس حسني مبارك.
ذلك هو زايد الذى أدرك بوعيه ورؤيته مكانة مصر فى قلب الأمة العربية، رحم الله الشيخ زايد، وستظل مواقفه الوطنية المجردة من كل مصالح خاصة أو استغلال سياسي للعلاقات العربية- العربية، بل كان يدعو ويناضل من أجل تحقيق التعاون العربي ووحدة الصف بين الأشقاء العرب.