لا أعتقد بنجاعة تحرك رأس الدبلوماسية الموريتانية في ثني مالي عن قرارها الإنسحاب من مجموعة G5.
وظني أن قناعة الحكام الجدد في باماكو تكمن في أن نجاحهم يعتمد على الإبتعاد أكثر عن فرنسا.
صحيح أن الضريبة لن تكون بتلك السهولة، لكن حكام مالي يتحركون بتناظم مع الأصوات الداخلية المتمردة، والناقمة على الوجود الاستعماري، وعلى سياسات فرنسا ورعونتها في إدارة علاقاتها مع مستعمراتها القديمة.
ومن الواضح أنهم يركزون مرحلياعلى كسب الجبهة الداخلية، مع زيادة الضغط على فرنسا من خلال تعدد الرسائل غير الودية..
الحديث هنا ليس فقط عن تطلع النخب المالية في المهجر، أو عن صدى الشارع في باماكو، وبعض المدن المالية الأخرى؛ وإنما كذلك عن سلبية الموقف من فرنسا الذي تتشاركه كل التنظيمات المتصارعة في مالي.
ومن الواضح كذلك أن فرنسا بدأت تحس بخدش كبريائها أمام عناد وتصامم المجلس العسكري في مالي، بل و ترى الإهانة أكثر في برود الأنظمة والشعوب الإفريقية، وعدم تحمسها اتجاه مؤازرة تحركها لعزل مالي، إذا ما استثنينا تلك المواقف المعبر عنها بخجولة على مستوى بعض المنظمات، دون أن تشفع بإجراءات عملية على مستوى الأنظمة والشعوب.
هذا فضلا عن الحرج الكبير الذي تحسه فرنسا أمام شركائها الأروبين، الذين يعتبرون ضياع فرصة تواجدهم في مالي خسارة كبيرة على مستوى التوازنات في المنطقة، واسهاما في هدم جدار الهجرة إلى أوربا، وتراجعا أمام القيصر الروسي الزاحف من كل الاتجاهات...لكن ما تخشاه فرنسا حقا هو نجاح حكام باماكو في فك عقدة الخوف لدي الشعوب الإفريقية وفتح طريق التحرر..، مخاوف معلومة على مستوى حكام مالي الذين لا يفوتون فرصة ابتزاز كل الأطراف والافصاح في كل سانحة عن استعدادهم للسير بالكل إلى نهاية النفق.
غير أن دوافع موريتانيا في ثني الحكومة المالية تبقى مفهومة ومبررة، بل وضرورية للحيلولة دون ترك الأشقاء المالين يواجهون صعوبات جمة قد تتسبب مضاعفاتها في موت الجسم "الساحلي" المعاق أصلا.