الاسلام هو دين الله عز وجل وهو القائم على العدل والحرية والسلام والرحمة .
وللإسلام أركان يقوم عليها لا يصح دونها ولا يقبل عند فقدها فهي الأسس التي يعتمد عليها .
وهي أكثر من أن تحصر في خمسة أركان أو عشرة أركان بل هي أكثر من ذلك ولا يمكن حصرها في خمسة أركان وقد قال المفكر الاماراتي علي محمد الشرفاء الحمادي (تربت أجيال ونشأت على تعليم أركان الاسلام بأنها تنحصر فقط في خمسة أركان إذ اعتبروها إسلاما في حد ذاتها وليس في المبادئ التي تدعو إليها).
فالاسلام يدعو لمجموعة من القيم ليست متجاورة فحسب، بل متصلة ومنظمة، أي أن لبعضها علاقة ببعض. وهذا ما يجعل التمييز بين أصناف القيم ضروريا ومركزيا:
أولا:قيم الغايات: لكي يعمل المجتمع بشكل سليم لابد له من التوافق حول قيم أساسية مشتركة تنحصر فيما هو أساسي لحياة الإنسان ونمائه.
البعد البدني: حفظ النفس بتحريم الاعتداء.
البعد الأخلاقي: حفظ العرض
البعد العقلي: حفظ العقل
البعد الديني: حفظ الدين
ثانيا:قيم الوسائل: هي التي تضمن كل ما يمكن أن ينمي القيم الضرورة كالغنى والقوة والصداقة والشورى.
الاسلام يدعو ل:
1/ العدالة :قرّرت الشريعة الإسلاميّة مبدأ العدالة المُطلقة بين جميع البشر، وجاءت الكثير من الأدلة التي تحثُّ عليها وتأمر الناس بها، كقولهِ -تعالى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ بِالْقِسْطِ شُهَدَاءَ لِلَّهِ وَلَوْ عَلَى أَنْفُسِكُمْ أَوِ الْوَالِدَيْنِ وَالأَقْرَبِينَ إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا فَاللَّهُ أَوْلَى بِهِمَا فَلاَ تَتَّبِعُوا الْهَوَى أَنْ تَعْدِلُوا) النساء 135
وجاءت الشريعة الإسلاميّة بهذا المبدأ منذ نزولها
2/مبدأ الحرية جاءت الشريعةُ الإسلاميّة مُنذُ نُزولها بمبدأ الحُرية، فقرّرت حُرية الفكر، والاعتقاد، والقول، ودلّ على هذا المبدأ الكثير من الأدلة، كقولهِ -تعالى-: (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ)ال عمران104
والشريعة الإسلامية لا تعتدي على الحُريات ولا تُناقِضُها، فهي تُحقّق الحُرية لجميع البشر، ومن ذلك أنّها تُقرر أن الله واحدٌ لا شريك له وتُلغي العُبوديّة لغيره.
ولذلك هذه المبادئ وغيرها هي المقاصد الحقَّة للاسلام يقول المفكر الحمادي :(لم يكلف العلماء أنفسهم مشقة تبيان الأركان الحقيقية للاسلام الذي تضمنته آيات القرآن الكريم).
بل كل ما فعلوه هو تشويه الرسالة وتزييفها وجعل الوسائل في مكان المقاصد والعكس يقول الشرفاء(إن كل ما فعله دعاة الاسلام وشيوخه الأقدميين وقاموا به أنهم نقلوا إلينا مفاهيم وتأويلات فقهية واجتهادات بشرية حولت الوسائل التي هي الشعائر وجعلتها غايات فالتبس الأمر وغاب عن الناس أصل الدين ومقاصده العليا التي يدعو إليها القرآن ).
فالعبادة تنقسم الى قسمين :
عبادة شعائرية وعبادة تعاملية
أولا:العيادة الشعائرية وهي التي ركز عليها المسلمون واجتهدوا فيها كالصلاة والصوم والحج وهي وسائل فقط .
ثانيا : العبادة التعاملية : وهي التي أهملها المسلمون وتركوها وراء ظهورهم وهي المقاصد كالصدق والوفاء والأمانة …
والغريب والملفت للانتباه والخطير في نفس الوقت أن الله تعالى لا يرفع الشعائرية حتى يقبل التعاملية .
فشرطُ قبول العبادة الشعائرية هو أن تقبل العبادة التعاملية فهي التي تجسد في حقيقتها الاسلام الذي جاء به النبي عليه السلام والأنبياء من قبله كما يقول الحمادي.
فنحن وللاسف الشديد أهملنا الجانب التعاملي واعتمدنا على الجانب الشعائري وهذا هو الخسران المبين يقول الاستاذ الشرفاء الحمادي ان السبب في ذلك عائد الى أن المسلمين شبوا على الاعتقاد الخاطئ بأن الطقوس أو الممارسات التعبدية هي الغايات والأهداف أما الأخلاق والمبادئ والقيم الانسانية فليست من الأركان أو من الأصول الاسلامية .
وقد ذكر امام مسجد في حي من احياء دمشق بأنه ركب مع صاحب حافلة يوم الجمعة نحو مسجده فلما ركب أعطى ورقة نقدية للسائق فرد إليه ورقة أكبر منها فلما جلس هذا الامام على الكرسي نظر في الورقة فإذا بها أكبر من الورقة التي أعطى للسائق
فتردد ووسوس له الشيطان وقال له انت امام فقير والشركة غنية ودخلها فلكي ولن تنتبه لهذا النقص الطفيف خذه واسكت وفي نفس الوقت أنبه ضميره ومراقبته لربه بأن هذا غلط من السائق ويجب رد المبلغ له وما زال هذا الامام بين الخوف والرجاء حتى قرر في اخر لحظة ان يرد للسائق الورقة الكبيرة وينبهه للخطأ فقال السائق متعجبا ألست صاحب هذا المسجد ؟
قال الامام : نعم
قال السائق : والله حدثتني نفسي قبل أيام أن أتعود الله عندك فأردت أن أمتحنك قبل أن أصلي خلفك
فأغشي على الامام من شدة الصدمة فلما أفاق قال :كدت أبيع الاسلام بدريهمات.
وهذا أشار إليه مفكرنا الكبير الحمادي بقوله(فكم رأينا المساجد عامرة بالمصلين والملايين في موسم الحج والعمرة والتباري في دفع الزكاة والصيام على أشده وإلى جانب ذلك وجنبا إلى جنب رأينا الغش والفساد والسرقة والاقتتال بين الناس ).
فكثير من المتمسلين اذا خلا ببيت اغتصب واذا خلا بميزانية بلع ولا يراعي حق الله وأنه يراه .
وختم الحمادي مقاله هذا ببيان المبادئ الحقيقية لدين الاسلام بقوله(الاسلام يقوم بنيانه على الأخلاق وما تكاليف العبادات إلا وسائل تصل بنا لتمام التوحيد والسمو الأخلاقي وتطهير النفس وتزكيتها).
كتبه الفقيه:نوح عيسى
عضو الامانة العامة لمؤسسة لرسالة السلام العالمية موريتانيا