تعليقا علي من يزعم تعيين الله حراسا للعقيدة، يكفي أن ترد عليهم الآية التالية من كتاب الله الحكيم الذي لم يعين وكلاء عنه في الأرض، ليراقبوا الناس على عقائدهم، وهو سبحانه الذي خلقهم وأنزل على رسوله عليه السلام مرجعية الإسلام في الذكر الحكيم، حيث يقول مخاطبا رسوله عليه السلام
(رَّبُّكُمْ أَعْلَمُ بِكُمْ ۖ إِن يَشَأْ يَرْحَمْكُمْ أَوْ إِن يَشَأْ يُعَذِّبْكُمْ ۚ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ وَكِيلًا) (الإسراء -54).
إضافة على ذلك، ما دام الله سبحانه أعطى الإنسان حرية مطلقة للإيمان به أو الكفر، وتلك علاقة فردية بين الله وخلقه لا يتدخل فيها أحد من خلقه، ليكون رقيباً على عباده في أداء شعائرهم/ وإذا كان الله سبحانه لم يكلف رسوله عليه السلام، وكيلا عنه على الناس، وحارسا على العقيدة، فكيف يتجرأ بعض الناس بادعاء كاذب على الله بتكليفه لهم ليكونوا حراسا على العقيدة، وكيف تتفق حرية العقيدة للإنسان التي منحها الله له، مع تعيين الله لبعض المدعين على الله زورا وبهتانا بأنهم حراس للعقيدة، وهو سبحانه يخاطب الناس بقوله في كتابه
(وَقُلِ الْحَقُّ مِن رَّبِّكُمْ ۖ فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ ۚ)( الكهف-29)؛ وقول الله سبحانه مخاطبا رسوله (وَلَوْ شَاءَ رَبُّكَ لَآمَنَ مَن فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا ۚ أَفَأَنتَ تُكْرِهُ النَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ) (يونس -99) .
فمن يريد أن يدعو لدين الله عليه أن يعرف متطلبات آيات الله في القرآن، ويلتزم بكل ماجاء به الذكر الحكيم، ويتعلم مقاصد الآيات لخير الإنسان ومنفعته في الدنيا والآخرة، وإذا عرف دينه، وآمن بكلمات الله وطبق شرعته ومنهاجه في المعاملة مع الناس جميعا، والتزم بأوامر الله ونواهيه، وعرف مراد الله من رسالته للناس، عندئذ يستطيع أن يدعو الناس لرسالة الإسلام؛ وما تخاطب الناس به من رحمة، وعدل، وإحسان، وتسامح، ورفق بالأيتام ، وسعي لنشر السلام، وعمل على اتباع كتاب الله؛ وبكل ما جاء به من آيات تخرج الإنسان من الظلمات إلى النور، حينها يدعو الإنسان الناس للإسلام، اتباعاً لقول الله سبحانه
(ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ) (النحل – 125) .
ذلك هو التشريع الإلهي لمن يسعى لنشر رسالة الإسلام بين الناس، وعلى المسلمين أن يستيقظوا من سبات الروايات التي طغت على الآيات، وجعلت الكثير منهم يساقون كالأنعام بل أضل سبيلا، ويرمون أنفسهم في شقاء الدنيا وجحيم الآخرة، يوم لا تنفع شفاعة ولا مال ولابنون إلا من عمل صالحا، واتبع آيات القرآن الكريم ، وسعى في الأرض يهدي الناس إلى طريق الحق والعدل والرحمة والسلام بالحكمة والموعظة الحسنة.