من هو الإنسان المختار الذي أرسله الله بكتابه للناس ليخرجهم من الظلمات إلى النور، ونزل عليه القرآن، وكلفه بتذكير الناس بآياته وتبيان مقاصده لخير الإنسان، ومنفعته في الدنيا ويجزيه في الآخرة جنات النعيم؟
فإذا كان المسلمون يؤمنون بمحمد عليه السلام، ويشهدون في كل آذان وصلاة أن محمدًا رسول الله، فذلك يعني لا مرجع لرسالة الإسلام إلا ما يبلغه الرسول عن ربه، كما أمره الله سبحانه في خطاب التكليف بقوله مخاطباً رسوله عليه السلام: (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلَا يَكُن فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِّنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَىٰ لِلْمُؤْمِنِينَ ) (الأعراف: 2).
وحدد الله دعوته للناس بتذكيرهم بالقرآن فقط، لأنه كلام الله الذي يريد سبحانه ورحمة بعباده أن يتخذوه خارطة طريق ، حتى لايضلوا طريق الحق، ويتجهوا نحو طريق الباطل، ويهديهم طريق الرشاد لما ينفعهم في حياتهم وآخرهم.
وإذ أمره بتذكير الناس بالقرآن في مخاطبة الله لرسوله بقوله: ( فَذَكِّرْ بِالْقُرْآنِ مَن يَخَافُ وَعِيدِ ) (ق:45) إضافة إلى أن الرسول عليه السلام أعلن بأمر الله، وما نطقه بلسانه عن ربه: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) (المائدة:3).
وقال الله سبحانه (مَّا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمَّ إِلَىٰ رَبِّهِمْ يُحْشَرُونَ) (الأنعام:38) .
بعد كل ذلك هل من المنطق أن يؤلف الرسول عليه السلام مئات الآلاف من الروايات سميت بالأحاديث، والله سبحانه وتعالى أبطل كل الروايات الكاذبة التي سميت زورًا وافتراء بأحاديث منسوبة ظلمًا للرسول، وهل يمكن للرسول أن يخالف ما كلفه الله من مهمة مقدسة، وهل يحتاج القرآن إلى إضافة بعد ما وصفه الله بقوله ونطق به رسوله: ( اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ ) و( وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ حَدِيثًا ) و(وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللَّهِ قِيلًا) .
فأين العقول وأين التدبر في آيات الله لمعرفة الحق من الباطل؟ وكيف نجح الشياطين وأعداء الإسلام في زرع الروايات الباطلة؟ وتلقاها الفقهاء وشيوخ الدين بالتصديق والتسليم، دون أن يرجعوا إلى مصدر رسالة الإسلام الحقة، كتاب الله وآياته، وما فيها من حكمة وهدى وبشرى للمؤمنين ليجزيهم الله جنات النعيم، ويحذر المشركين من نار الجحيم، إذا تكبروا على آيات الله، وهجروا القرآن الكريم، واختاروا ليكونوا مع المجرمين حين يسألهم الله سبحانه يوم الحساب بقوله: ( مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَلَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44) وَكُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخَائِضِينَ (45) وَكُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتَانَا الْيَقِينُ (47)) المدثر (42/43/;45/ 46 / 47) .