الاخبار ميديا / أظهرت ترشيحات القوى السياسية الأبرز في الأغلبية والمعارضة أن المعركة الانتخابية على رئاسة مجلس نواكشوط الجهوي بعيدة من أن تكون مجرد "نزهة" تنافسية بين حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم وأبرز القوى السياسية المناوئة للسلطة في موريتانيا؛ خاصة منتدى المعارضة وحزب تكتل القوى الديمقراطية.
فبينما تنذر هذه الترشيحات بمواجهة انتخابية شرسة، ذات صبغة سياسية بامتياز، بين مرشحة الحزب الحاكم فاطمة بنت عبد المالك (عمدة بلدية تفرغ زينة) ، ومرشح المنتدى (الرئيس السابق لحزب "تواصل") محمد جميل ولد منصور الذي سبق له أن فاز بمنصب عمدة بلدية عرفات ومازال حزبه يحتفظ بها مع زعامة مؤسسة المعارضة الديمقراطية؛ يخوض كل من مرشح حزب "التكتل" محمد عبد الله ولد حيبلتي، ومرشح حزب "اللقاء" محمد ولد العابد نفس المعركة الانتخابية بخلفية مختلفة تقوم، بالأساس، على اعتماد معايير أكثر فنية، من قبيل الكفاءة والتجربة في مجال الإدارة والتسيير العموميين.
يراهن الحزب الحاكم (ضمن أمور أخرى) على حصيلة بنت عبد المالك (الناجحة) في مجال تسيير بلدية تفرغ زينة (عاصمة ولاية نواكشوط الغربية)، وعلى حرص مختلف الفاعلين الحزبيين داخل ولايات العاصمة الثلاث على إظهار وتجسيد دعمهم لتوجهات رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز، ومحاولة "التكفير" عن مواقف سابقة جعلت بعضهم عرضة لجملة من "الإجراءات العقابية" وهم يستميتون اليوم في إظهار عكس تلك المواقف... غير أن بعضا من هؤلاء المغاضبين قد يعتمدون أسلوب "التصويت العقابي" لإثبات "وزنهم الانتخابي" وبالتالي اغتنام الفرصة لتوجيه ضربة سياسية "موجعة" لأطراف داخل حزب الرئيس ولد عبد العزيز، باعتبارها سببا فيما تعرضوا له من "إقصاء"..!
في المقابل يراهن ولد منصور (ضمن أمور أخرى) على حصيلة أدائه المرضي خلال فترة تسييره لبلدية عرفات، وعلى الماكينة الدعائية لحزب "تواصل" خاصة الحضور القوي لنشطائه من الشباب عبر شبكة التواصل الاجتماعي، إضافة لشعبية حزبه التي باتت شبه ثابتة في مقاطعات مثل عرفات ودار النعيم؛ تعود لفترة قيادته للبلدية في الأولى وإقامته في الثانية.
كما يراهن المنافس الأبرز لبنت عبد المالك على ترشحه تحت مظلة منتدى المعارضة، خاصة وأن حزبه سبق وأن نال منصب عمدة تفرغ زينة في انتخابات 2006 بدعم من بقية أحزاب المعارضة يومها؛ من خلال مرشحته آنذاك ياي انضاو؛ إلا أن تعدد مرشحي المعارضة (ناطحة وناصحة) وقوة شعبية بنت عبد المالك، من العوامل التي قد تجعل الطريق نحو رئاسة المجلس الجهوي "غير سالك" بما فيه الكفاية أمام مرشح المنتدى..!
إلى جانب هذا الثنائي القوي، يحاول حزب تكتل القوى الديمقراطية (خارج المنتدى) استعادة "مجد" قيادة مجموعة نواكشوط الحضرية بالاعتماد على التجربة الناجحة لرئيسها الآسبق أحمد ولد حمزة الذي فاز في انتخابات المرحلة الانتقالية تحت مظلة نفس الحزب؛ كما يراهن - هو الآخر - على قوة شبابية نشطة على مستوى الدعاية عبر شبكة التواصل الاجتماعي ومنابر التعبئة الأخرى؛ وخاصة الأنشطة الشبابية والثقافية المختلفة.. لكن اختيار الحزب مرشحا من خارج "رموزه" السياسية المعروفة لدى الرأي العام في نواكشوط، وانسحاب ولد حمزة من صفوفه مؤخرا، فضلا عن تأخر الإعلان عن موقفه من المشاركة في الاستحقاق الانتخابي المرتقب؛ تبقى من أهم العوائق التي قد تقوض من فرص ولد حيبلتي في الوصول إلى قيادة أول مجلس جهوي في العاصمة.
من جانبه ألقى حزب "اللقاء الديمقراطي" المعارض بأحد أبرز قياديّيه في حلبة المنافسة على رئاسة المجلس الجهوي بنواكشوط؛ من خلال ترشيح وزير الاقتصاد والتنمية في الحكومة الانتقالية (2005- 2007)؛ محمد ولد العابد؛ مراهنا بذلك على الحصيلة الإيجابية لأداء هذا الأخير ضمن الفريق الحكومي الذي جمعه برئيس الحزب، ذ. محفوظ ولد بتاح؛ أيام حكم الرئيس الانتقالي الراحل اعل ولد محمد فال، لكن هذا الخيار "النخبوي" قد يصطدم بعوامل معيقة لعل في طليعتها فشل الحزب في تحقيق أدنى حد من التوازن في مواجهة السلطة خلال استفتاء أغسطس 2017 حول التعديلات الدستورية يوم خرج على إجماع منتدى المعارضة بمشاركته في ذلك الاستحقاق بالغ "الحساسية"، وكذا ضعف التجربة الانتخابية لهذا الحزب الذي فضل، فيما يبدو، اعتماد معايير الكفاءة والخبرة الشخصية على غيرها من الاعتبارات السياسية والانتخابية التقليدية.
السالك عبد الله مختار
صحفي موريتاني