(الموريتاني) دعا مؤتمر “مفهوم الرَّحمة والسَّعة فـي الإسلام” الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي في منى، لتطوير آليات ووسائل وأساليب الخطاب الديني مع المحافظة على ثوابت الهوية.
جاء ذلك في البيان الختامي للمؤتمر الذي اختتم بمشاركة خمسمائة عالم ومفكر مَثّلوا علماء الأمة الإسلامية من 76 دولة حول العالم.
وقال البيان الختامي إن تطوير الخطاب الديني يجب أن “يراعي فوارق الزمان والمكان والأحوال، ويتلاءم مع راسخ الإسلام، ويعالـج مشكلات المجتمعات المعاصرة”.
هذه الدعوة ليست جديدة في مضمونها ولا في حمولتها، ولكنها جديدة إذا نظرنا إلى عدد الموقعين عليها الذين زادوا على الخمسمائة من علماء الأمة.
فالواقع يقول إن مفكرا كبيرا هو الأستاذ علي محمد الشرفاء الحمادي قد وضع يده من قبل على الجرح، وحدد المطلوب بالدقة من علماء الأمة في مثل هذه الظروف الصعبة التي تعيشها.
المفكر الشرفاء دعا بلا مواربة لوضع قطار المسلمين على السكة، وسيره إلى الأهداف المنسجمة مع تعاليم الدين وقطعياته التي لا خلاف عليها.
وطالب المسلمين بالعودة إلى كتاب الله: الخطاب الإلهي، الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، ونبذ المختلقات التي طفت على الخطاب الديني، وارتهنت الأمة لآراء لم تسلم من دس الأعداء ومكايد الساسة، وعصبيات المتعصبين.
فلو عادت الأمة إلى الخطاب الإلهي كمحدد واضح ومجمع عليه لحصدت نتائج ذلك وحدة وعافية وأمنا وسلما وحبا وعيشا رغيدا.
بيان المؤتمر أيضا حمل دعوة لإقرار مادة القيم الإسلامية والمشتركات الإنسانية كمتطلب أكاديمي لجميع التخصصات في الجامعات العربية والإسلامية؛ مشدداً على ضرورة تشـجيع البحوث والدراسات الـتي تؤصل لمبدأ الرَّحمة والسَّعة فـي الإسلام وتبـرز أهميته، وتسعى للتعريف به ونشره.
وهو عين ما دعا له المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي حيث نص بالحرف على أن رسالة الإسلام رسالة عدل ورحمة وحب وسلام، جاء ليعمق المشتركات، ويبصر الناس بالدين الحق، فإن شاءوا آمنوا وإن شاءوا لم يؤمنوا، والله حسيبهم في كل حال.
وذكَّر المؤتمر في فقرة أخرى من البيان الذي يلخص مخرجاته، أن الإسلام برحمته الواسعة والشاملة وتجربته الحضارية الفريدة ومرونته الـمشروعة، يـنسجم زماناً ومكاناً ويـتعايش ويـتعاون مع الجميع بشهادةِ واقعاتِ التاريخِ الموثقة لا المنتحلة على الإسلام والمسلمين.
وهذه المرة أيضا يتقاطع بيان المفكرين مع دعوة الشرفاء لتنقية الخطاب الديني من المرويات المنتحلة، التي جنت كثيرا من أمتنا، وحولتها إلى شيع مختلفة متحاربة بينها.
نحن إذن في مرحلة حاسمة من تاريخ أمتنا، تتطلب فعلا راشدا ينسجم مع الوضعية الحالية والتحديات، وينطلق من العودة للجذور سبيلا للانسجام مع الخطاب الإلهي وصفة المسلمين للعبور إلى الغد الوضاء.
ويوما بعد يوم يزداد المؤمنون بهذا الطرح، لأن الوقائع أثبتت أنه الحل لمشاكلنا، وهو ما اتفق عليه المشاركون في مؤتمر منى، الذي نظمته رابطة العالم الإسلامي، وهو ما يؤكد أيضا صواب طروحات ودعوات الرجل المؤمن الدارس لواقع الأمة وتاريخها علي محمد الشرفاء الحمادي.