لا معرفة شخصية تربطني بالعقيد المتقاعد عمدة ازويرات والمرشح حاليا لمنصب نائب المدينة الشيخ ولد بايه ، لكن ما يثار في الإعلام من حين لآخر حول هذه الشخصية البعيدة عن الأضواء والتى تفضل قضاء العطل في البوادي ، جعلني أتتبع مساره ، خاصة أنني من الإعلاميين المهتمين بالشأن السياسي عامة والبرلماني منه خاصة .
غني عن القول أنني ليس من عادتي كيل المديح للساسة ، لكن ظلم الرجال الوطنيين المخلصين ، وتصويرهم أشرارا ، لا يمكنني السكوت عليه .
تتبعت مسار الشيخ المهني وتحدثت مع العارفين به ووقفت على انجازاته ، وبعدها قررت الكتابة عنه ، فأمثاله من رجال الدولة يستحقون الانصاف منا معاشر الصحافة .
الشيخ الموظف
في دسمبر 2005 تم تعيين العقيد الشيخ ولد بايه مديرا للرقابة البحرية ، بعدها بأيام انطلق قطار إصلاح قطاع الصيد فالرجل كان شاهدا على الفساد المستشري لكنه لم تكن لديه وسائل لفعل أي شيئ ، فالرشوة هي السائدة ، حيث تسجل أي عقوبة على رجال الأعمال المستثمرين في الصيد مع وجود أسبابها ، ولم تصل مساهمة هذا المجال الحيوي في الخزينة العامة قبل 2006 لمليار إوقية .
وسنسرد نماذج مما كان سائدا قبل مجيئ الشيخ حتى يمكن للمتلقي الموضوعي الحكم على انجازات هذه الشخصية الوطنية بامتياز .
- فوضوية الترخيص حيث تعمل أربعة سفن على ترخيص واحد .
- الصيد في المناطق المحظورة .
- تهريب أموال عائدات الصيد إلى الخارج حيث بنيت منها لاس بلماس الاسبانية .
- التخلي عن الأسطول الوطني واسبداله بالأساطيل الصينية والأوروبية والروسية .
- التمالئ مع الوسطاء في بيع المنتوج الموريتاني في الأسواق الدولية - وخاصة اليابانية والأوروبية بثمن بخس وفرض سقف للأسعار على شركة تسويق الأسماك .
- الاستسلام للاتحاد الأوروبي في اتفاقيات الصيد خدمة لأغراض شخصية .
وهذا قليل من كثير .
منذ تكليف الشيخ ولد بايه في 2005 بالرقابة البحرية تبدل الحال وكانت أقل مساهمة للرقابة البحرية في الخزينة العامة تتراوح من 6 إلى 10 مليار سنويا من الغرامات فقط ، ولمن يريد التأكد من الرقم عليه مراجعة الخزينة العامة .
وشهد القطاع أكبر إصلاح حيث تمت مراجعة اتفاق الصيد مع الأوروبيين نظرا إلى أن المفاوض الرئيسي رجل قوي ويضع المصلحة العامة نصب عينيه ، ومدعوم بإرادة سياسية جعلت من المفاوضات قضية فنية بعيدة عن التأثير السياسي وبالتالي تجنب الضغوط الأوروبية .
في سنة 2014 تم وضع الميزانية خالية من عائدات اتفاق الصيد مع الأوروبيين ، وهو ما جعل بروكسيل في النهاية تذعن للمطالب الموريتانية وتوقع الاتفاق بشروطنا .
الاصلاح في القطاع نجح بحيث لم تعد للأوروبيين ورقة ضغط علينا .
كما ضمن الاتفاق لموريتانيا تعويضا يراعي الكمية المصطادة وكذا الثمن في الأسواق الدولية .
ونص الاتفاق في أحد بنوده على أن الصيد التقليدي ثروة وطنية خالصة ، وهو أغلى أنواع الصيد وأقلها تكلفة ، وبالتالي أممت ثروة مهمة .
فرض الاتفاق على الأوروبيين التفريغ في الموانئ الموريتانية ما جلب مصالح ، منها استفادة العمالة الوطنية ، واقتنع الأوروبيون بأحقيتنا في إنشاء موانئ جديدة بعد أن كانوا يرفضون الفكرة ، لذلك تم تشييد موانئ جديدة منها (تانيت) وانجاكو .
ألزم الاتفاق الأسطول الأوروبي باستخدام 62 في المائة من عمالته من الموريتانيين ، وبالتالي تمت مرتنة الوظائف بشكل كبير .
فرض الاتفاق ضريبة نوعية ، تتمثل في منح 2 في المائة من الأسماك السطحية للدولة الموريتانية ، وهذه الكمية هي مخزون الشركة الوطنية لتوزيع الأسماك ، وبالتالي اسفاد سكان الداخل لأول مرة من الثروة السمكية الوطنية .
هذه الاصلاحات كانت كفيلة بإعلان الحرب على الشيخ من قبل مافيا الفساد في الصيد وأذرعها الخارجية .
وانطلقت حملة منظمة وممولة ومفبركة من قبل تلك المافيا تستهدف الرجل ، وما زالت متواصلة حتى يومنا هذا أملا في التخلص منه والرجوع إلى عهود الفساد في قطاع الصيد .
الشيخ السياسي
في 2013 تم اختيار الشيخ عمدة لأزويرات تلك المدينة العصرية التى تمتزج فيها مختلف الثقافات الوطنية وتوجد بها شركة اسنيم .
ورغم مزايا المدينة الآنفة الذكر ظل التعاطي مع الشأن السياسي فيها ينطلق من أبعاد قبلية وجهوية وعرقية .
قبل انتخابه عمدة رفض الشيخ التعاطي مع الشأن السياسي ، انطلاقا من الأبعاد القبلية والجهوية والعرقية ، بل راهن في الشوط الثاني على المؤسسات الحزبية ، وتحالف حينها مع حزبي تواصل والتحالف الشعبي التقدمي ، وكان على قدر المسؤولية ، حيث طبق تعهده للحزبين ، وظل تسيير البلدية مشتركا بين الأطراف الثلاثة إلى اليوم ، هذا التعاطي الجديد في السياسة أربك الفاعلين خاصة أولئك الذين يعيشون على التفرقة والتنافر .
وأكثر شيئ أزعج السماسرة السياسيين هي الانجازات التى قدمها الشيخ للمدينة، حيث وفر المياه والكهرباء بأسعار مخفضة ، وتم فك العزلة عن المدينة لأول مرة ، وتوفير خدمات صحية مقبولة ، والتكفل بعلاج المرضى الذين تستعصي حالاتهم على العلاج في المدينة ، وكذا التكفل بتحجيج 10 أشخاص سنويا ، وتأسيس كفالات مدرسية كنوع من تشجيع ذوي الدخل المحدود على التمدرس ، وتوفير منح دارسية للمتفوقين في الباكلوريا ، واعلان حرب قوية على المخدرات في الوسط المدرسي ، وإعفاء الباعة الصغار من الضرائب .
إنجازات أزعجت اللوبيات السياسية ، كما زاد من انزعاجهم رئاسته لرابطة العمد الموريتانيين ، التى حولها إلى مؤسسة حقيقية منظمة وحاضرة على المستوى الدولي كفاعل أساسي في المنظمات الاقليمية والدولية ورفع مستوى العمدة بروتوكليا، كما تمتلك الرتبطة مقرا في أحد أرقى أحياء العاصمة يتوفر على التجهيزات المطلوبة .
الشيخ الانسان
وفي في علاقته الاجتماعية ، لا يجامل في الحق ، شجاع ، يمتلك مشاعر جياشة ، وينتمي لجيل من العسكريين جعلته العناية الإلهية يتولى الاصلاحات التى شهدتها موريتانيا منذ 2005 وتعززت في 06 اغسطس 2008 .
من أفسدوا البلاد في الفترة ما قبل 2005 تحولوا إلى أعداء لجيل الاصلاح هذا ، وتتعززوا بأعداء جدد التحقوا بهم في 2008 بعد تصحيح المسار ، وبالتالي اجتمعت النخب السياسية والادارية التى أطيح بها في العداء لهؤلاء الضباط الوطنيين المخلصين .
هؤلاء الأعداء يقومون بحملات متكررة من حين لآخر يروح ضحيتها بعض الطيبين .
الشيخ يؤمن بأن الحق باق مهما كانت قوة خصومه ، وأنه لا وقت لديه للتعاطي مع الحملات المغرضة ، فهو مشغول بما ينفع الناس ويمكث في الأرض .
لذلك من الأكيد أن الناخب في أزويرات شاهد على انجازات الرجل في الماضي ، وواثق من وفائه بالتعهدات التى قطعها على نفسه في هذه الحملة ، ولن يتأثر بالأكاذيب التى لن تنطلي على أصحاب العقول السليمة .
بالفعل الشيخ ولد بايه مشروع يقوم على الانجازات .
محمد المختار أحمد سالم، صحفي