نشرت صحيفة "الديار " المصرية مقالا للمفكر العربي الكبير علي محمد الشرفاء الحمادي تحت عنوان "الزكاة في الخطاب الإلهي ..صدقة وقرض حسن."
قال تعالى : خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلَاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ} [التوبة: 103]
قال تعالى : يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ} [البقرة: 254
قال تعالى :{وَآتُوهُم مِّن مَّالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: 33
قال تعالى :طس تِلْكَ آيَاتُ الْقُرْآنِ وَكِتَابٍ مُّبِينٍ . هُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُم بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ} [النمل: 1 -3].
وفى مطلع سورة لقمان قال: {هُدًى وَرَحْمَةً لِلْمُحْسِنِينَ . الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ}
وقال في سورة المؤمنون يبين أوصاف الذين يرثون الفردوس: {وَالَّذِينَ هُمْ لِلزَّكَاةِ فَاعِلُونَ}
فى سورة فصلت قال تعالى: وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ . الَّذِينَ لا يُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَهُمْ بِالآخِرَةِ هُمْ كَافِرُونَ} [فصلت: 6 – 7].
منهج الخطاب الالهي ان يعود الناس الى القرآن كعقد مقدس بين العبد و ربه وكتاب لا يأتيه الباطل من بين يديه و لا من خلفه بعد ان انتشرت الروايات و الاسرائيليات في الدين و ان يلتمسوا شريعتهم من القران لا من غيره باعتباره المرجع الاساس و المنقذ الوحيد مما تتخبط فيه الادمية اليوم و هم ان فعلوا ذلك توصلت الادمية الى ما تصبو اليه من رحمة و عدل وحرية و سلام هي أحوج ما يحتاجه العالم اليوم ليعم الاستقرار وتتحقق السعادة في الحياة الدنيا و في الاخرة حين تتمكن الادمية من تشييد المدينة الفاضلة التي تنتشر فيها القيم و المثل التي ينادي بها الاسلام.
ففي عالم يحكمه المال و سلطة السوق المهيمنة التي لا يسود فيها إلا منطق الانانية ولغات المصالح وميزان الارباح و الخسارة يرفع الخطاب الالهي شعار التكافل الاجتماعي والجهاد بالإنفاق و البذل في سبيل الله حتى نتمكن من انشاء مجتمع يسوده التكافل الاجتماعي لان الاهداف المتوخاة من الزكاة هي
- تطهير نفس الغني من البخل ونفس الفقير من الحسد والحقد على الغني ممّا يؤدّي إلى ترابط أبناء المجتمع معاً.
- إظهار حب العبد لله تعالى وتقديم طاعته على شهوة جمع المال.
- مساعدة الفقراء وتغطية حاجتهم سواءً من الملبس، أو المأكل، أو المسكن.
- تعويد النفس على البذل والعطاء في سبيل الله ومساعدة المحتاجين.
- حماية المجتمع من المفاسد حيث إنه لا يلجأ الفقير إلى السرقة أو النصب لتلبية احتياجاته
فكيف نتمكن اليوم من تجاوز جشع أهل المال و الاعمال؟
كيف نتجاوز سطحية مثقفينا و انطوائيتهم أمام المشهد القاتم اليوم؟
كيف نتجاوز غرور الاقتصاديين و تسلط البنوك؟
كيف نتجاوز عفوية المتفائلين منا وسلبية المتشائمين وعدميتهم؟
كيف نتجاوز انكسار شوكة الضعفاء و الفقراء وتهميشهم في عالم تحكمه العولمة و أنانية مفرطة في الدفاع عن المصالح ويتنامى فيه التطرف بشكل مذهل؟
لن يتحقق ذلك إلا بالعودة الى القرآن والعمل به و بما جاء به ودفع الزكاة حسب ما يمليه الخطاب الالهي لا ما حسب يمليه الفقهاء؟
فالزكاة حسب الخطاب الالهي اخراج خمس المال من صافي الارباح في كل مكسب لا 2.5% كما حدد الفقهاء.
وذلك باعتبارها تعبيرا عن الملكية الحقيقية لله تبارك و تعالى وهو المشرع الوحيد لأنها اخذ بالقوة من الغني وإعطاء للفقير قال تعالى : {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ وَالْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَالْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي الرِّقَابِ وَالْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ اللَّهِ وَابْنِ السَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ} التوبة: 58 – 60 .
وقد وردت في القرآن 30 مرة ووردت كلمة صدقة و صدقات 27 مرة تأكيدا على احقاق الحق و لفت الانظار الى المساكين و المحتاجين و المعوزين
وسعيا لرسم تكافل اجتماعي حقيقي يقف على ثلاث عتبات حدد الخطاب الالهي كيف يتم ذلك
- عتبة التحريم الصفقات التي يكون فيها الفقير ضحية فقد حرم الخطاب الالهي الربا أحل الله البيع وحرم الربا قال تعالى (وأحل الله البيع وحرم الربا)
- وفرض الزكاة قال تعالى:خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً تُطَهِّرُهُمْ وَتُزَكِّيهِمْ بِهَا وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} [التوبة: 103].
- و حث على الصدقة و الانفاق في سبيل الله باعتبارها تشجيعا للبذل وإعطاءا للفقير قال تعالى : مَّثَلُ الَّذِينَ يُنفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنبُلَةٍ مِّائَةُ حَبَّةٍ ۗ وَاللَّهُ يُضَاعِفُ لِمَن يَشَاءُ ۗ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ (261
و قال تعالى: مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ الحديد 11
من هنا يتضح لكعزيزي القارئ ان الاسلام لا يقف عند العبادات كشعائر و انما يتجاوزها الى القاصد و المعاملات وان الزكاة عقد شراكة بين الغني و الفقير و انها لو دفعت حسب ما يشرعه الخطاب الالهي لا ما يمليه المشرعون من الفقهاء الذين سرقوا الأمة حين حددوا الزكاة ب 2,5 % بدل ما حدده القرآن 20% لحدث تكافل اجتماعي حقيقي و اختفت ظاهرة الفقر والحرمان.