مثقفون وعلماء طالبوا كثيرا بأن يكون القرآن الكريم هو المصدر الرئيسي والوحيد لمعرفة الشريعة الإسلامية، معتبرين ذلك بمثابة طوق نجاة سينقذ الأمة الإسلامية من الدماء والتكفير، فهل هذه الدعوات تعنى إنكارا للسنة المحمدية، وما هى أصلا السنة المحمدية؟ هل هى الموجودة فى كتب البخارى ومسلم وأبن ماجه وغيرهم، أم أنها موجودة فى القرآن الكريم.
على محمد الشرفاء الحمادي المفكر الإمارات، مؤلف كتاب المسلمون بين الخطاب الديني والخطاب الإلهي، أجاب على هذه التساؤلات باستفاضة قائلا: قال تعالى (سُنَّةَ اللَّهِ فِي الَّذِينَ خَلَوْا مِن قَبْلُ ۖ وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا (62)
سنة هي التشريع الإلهي، والمنهج الذي يأمر الله عباده ان يتبعوه وأن الرسول عليه الصلاة والسلام جعله الله قدوة للناس فى كل أفعاله وتصرفاته اليومية مع الله فى شعائر العبادات ومع أهل بيته فى العلاقات الأسرية وفى المعاملات العامة مع الناس متبعا التوجيهات الربانية أخلاقا ورحمة وأمانة وانضباط سلوك بخلق عظيم ليتعلم منه الناس ويجعلوه قدوة لهم ولذلك قال الله تعالى (لَّقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) والأسوة تعنى القدوة والطريقة المستقيمة التي يجب على المسلمين إتباعها لذلك فان سنة الرسول هي تطبيق الأوامر الإلهية ومباشرة القواعد والقوانين التي وضعها الله للناس ليتعايشوا فى أمن وسلام.
ويضرب لهم الرسول المثل الأعلى فى ترجمة التعامل والسلوك وفق
التوجيهات الربانية أما ما يطلق عليه السنة فهي استخدم غطاءا
لنشر الفتن بين المسلمين ليتقاتلوا ويتصارعوا ويتنازعون فيفسدوا
وتذهب ريحهم، أما السنة المحمدية هي كل الممارسات السلوكية
على ارض الواقع إتباعا لمنهج الله لصياغة السلوك الإنساني ليكون ربانيا يأمنه الناس على حقوقهم وحياتهم ويكون رحيما وعونا لهم ويقف معهم معينا فى المواقف الصعبة يشاهد الفقراء ويسعف المرضى ويعطى السائل ما أعطاه الله من رزق ونعمة يقف مع المظلوم ويقاوم الظالم ينشر الرحمة والسلام تلك هي السنة المحمدية، وليست الروايات الشيطانية التي تحرض على الكراهية والقتل والحقد والغل وتتبع إغراء الشيطان وسيلقون غياه.
فالله سبحانه وتعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) هل بقي بعد هذه الآية قول آخر حينما بلغ رسوله قومه عن ربه هذه الآية بأن آيات الله فى كتابه المبين قد تمت واكتملت ولَم يعد بعدها قول يضاف إلى ما بلغه رسول الله عن ربه، فكيف قبل المسلمون بروايات مُفترة على الرسول الأمين، وصدقوها ووظفوها فى خدمة أعداء رسالة الإسلام من اليهود والمجوس تسببت فى قتال العرب المسلمين قرونا طويلة، أكلت الحرث والنسل ونشرت الأحقاد بينهم وخلقت الطوائف والمرجعيات المتناقضة من أجل أن تستمر الدماء العربية تسيل لهوا وعبثا تقدم الضحايا من الأبرياء قرابين تحت رجل عجل اليهود”.
كتاب المسلمون بين الخطاب الدينى والخطاب الإلهى
فلنرجع لسنة الله التي أنر رسوله بإتباعها وأصبحت بفعل سلوكه وتصرفاته كأنه قرآن يمشي على الأرض فتلك هي سنة رسولنا الكريم ولا سنة غيرها على الإطلاق تأكيدا لقوله سبحانه (اتَّبِعُوا مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُمْ وَلَا تَتَّبِعُوا مِن دُونِهِ أَوْلِيَاءَ ۗ قَلِيلًا مَّا تَذَكَّرُونَ)
نحن نطالب بالتمسك بالسنة النبوية التي تترجم القرآن عبادة وسلوكا وأفعال ومعاملات بين الله وعبده وبينه وبين أسرته وبينه وبين قومه دون تمييز بين اسود أو ابيض، وكل الخلق أخوته فى الإنسانية يتعامل معهم بالرحمة والعدل والإحسان والتسامح.