أعلنت الحكومة في اجتماعها الأربعاء الماضي تحت رئاسة فخامة رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني ، أعلنت عن تخصيص عشرة ملايير أوقية قديمة لصالح ولاية الحوض الشرقي، زيادة على ما كان مبرمجا لها من تمويلات سنوية في إطار الميزانية العامة ومشاريع التنمية المعلن عنها.
هذا القرار نعتبره ذا أهمية كبرى ، وهو غير مسبوق ، على الإطلاق. فمنذ نشأة الدولة الموريتانية الحديثة لم تعرف الولاية ، باستثناءات قليلة، لفتتة تجعلها تستفيد استفادة ذات قيمة من الميزانية الوطنية للاستثمار.
وبقيت لفترة طويلة منسية ومهمشة، رغم ما روجت وطبلت له الأحكام المتعاقبة على البلاد وخاصة في عهد ولد الطايع ( 20 سنة رئيسا)، حيث لا تفتأ تلك الأحكام تروج أن ولاية الحوض الشرقي هي الولاية " الأولى".. ومنها تطلق كل حملات التعبئة ومنها يتم تعيين الوزراء الأول ووزراء السيادة وقادة الأحزاب الحاكمة.
لقد كان العامل الديمغرافي وعامل الولاء الأعمى وغياب قادة سياسيين أقوياء بمقدورهم معارضة " الدولة" كان ذلك في مجموعه وراء الانصياع الغبي للرؤساء من غير أن يكون للأمر عائد على الواقع المزري والمتردي للولاية.
ولذلك فإن هذه اللفتة من فخامة الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني إلى الولاية بإيلائها " تمييزا إيجابيا" قد يدخل في إطار التعويض عن تعيين وزير أول أو رئيس الحزب الحاكم من الولاية. وما فائدة تعيين مسؤولين لم يعرفوا حتى كيف و لماذا تم تعيبنهم؟ و لم يستغلوا تعيبنهم لفرض قرارات تدرج ولايتهم في الاستثمار وتجلب إليها المشاريع وترفع من مؤشرات التنمية فيها. بأية حجة كان يتحجج الوزراء الأول وهم يعملون عن وعي عن غير وعي على تهميش ولايتهم وحرمانها من مقدرات البلاد؟ ألم يكن بمقدورهم تبرير تمييزها وتوجيه التمويل إليها باسم الولاء للنظام وبصفتها كما كان يقال خزانا انتخابيا يستطيع حسم المعاركةالانتخابية أو التعبئة لفكرة او قرار ما؟
لا أنكر بأن هناك استثناء واحد و أقولها بصراحة: الوزير الأول السابق الدكتور مولاي ولد محمد الاقظف. وهو استثناء يؤكد القاعدة.
هذا المبلغ، العشر ملايير المعلن عنها، برأيي إن استغل استغلالا جيدا سيكون له انعكاس إيجابي على تنمية الولاية وخفض النسب المتدنية لمؤشرات التنمية والولوج الى الخدمات الأساسية ..
إن المعالجة السياسية لمشاكل ولاية الحوض الشرقي التي دأبت عليها الأنظمة السابقة، لم ولن يكون لها نفع ولا مردود إيجابي على تحسين ظروف حياة السكان أو تنمية الولاية، اللهم إلا ما كان من فساد وهدر لأموال الدولة و استغلال سيئ للقوالب الاجتماعية( القبيلة والعشيرة والفئة والطائفة) وتجييشها لصالح شعبية ومواقع سياسية زائفة..
يدرك الجميع أن ولايتنا ، هي من أكبر وأهم ولاية على المستوى الوطني: من حيث عدد السكان( 527,973. تعداد 2021) ومن حيث الثروة الحيوانية ومساحة المراعي والمساحات الزراعية والمناطق الرطبة( محموده، اميامي، فرده. ) والمياه الجوفية( بحيرة اظهر، وبقله)؛ والثروة الحيوانية( البقرة نسبة 27% على المستوى الوطني، الماعز والغنم 21% ، الابل 16% ).وللولاية معالم تاريخية وأثرية وهي إلى ذلك ولاية حدودية مع جمهورية مالي و ما يليها من الدول الإفريقية الأخرى..
وللأسف لم يكن لهذه الفرص والمؤلهات وقع إيجابي على الولاية لتحسين مؤشرات التنمية والاستفادة من الخدمات الأساسية كالماء الشروب والصحة والتعليم .
والمعلومات الرسمية ، و قد أشار إلى بعضها رئيس الجمهورية في لقائه الأخير مع أطر ووجهاء الولاية ، في النعمه، هذه المعلومات تضع الولاية في أسفل السلم:
مثلا بالنسبة لمصادر المياه الصالحة للشرب تصل نسبة الولاية الى 53,6% في مقابل 98,37% الولاية اترارزه، و 84% للبراكنه، ولعصابه 71% والحوض الغربي أزيد من 63% وغورغول ما يربو على 57%.
في مجال الصحة نسبة المرافق الصحية المحسنة، لولاية الحوض الشرقي تصل 21% وفي ولاية اترارزه 81% , لبراكنه 68% لعصابة 44% وغوركول والحوض الغربي 38%..
وما يسمى بخماسيات الرفاه الاقتصادي ، النسبة أيضا متدنية، سواء لظى الفئات الأقل والأعلى رفاها مقارنة مع نفس الولايات. ونسبة الولوج إلى الكهرباء 21% بينما يصل متوسط المعدل الوطني 52%.
على مستوى التعليم حدث ولا حرج.. فقد تم تصنيف الولاية من ضمن المناطق الأقل حظا في التعليم ووضعها في ما أسمته وزارة التهذيب الوطني بالتمييز الإيجابي.ذلك أن صافي معدل الالتحاق بالمدرسة يحدد فيها بنسبة 44% في مقابل 65% في اترارزه و64% في لبراكنهو ٥د53^ في لعصابه و 48% على مستوى غورغول.. ويحصل إجمالي معدل الالتحاق بالمدارس في ولايتنا الى 65%في مقابل 92% في اترارزه و90% في لبراكنه و 71% في ولاية غورغول.. و 80% في لعصابه..
فنحن أمام وضع لا يتناسب مع الزخم الاعلامي الذي طالما تغنت به أحكام في السابق أن ولاية الحوض الشرقي تحظى بعناية خاصة وأنها على رأس سلم الأولويات.
محض كذب ودعاية آن الأوان أن نعترف بها ونتجاوزها..
إن هذه اللفتة من رئيس الجمهورية ، السيد محمد ولد الشيخ الغزواني بتخصيص هذا المبلغ الكبير لتنمية الولاية فضلا عن إنشاء مؤسسة للثروة الحيوانية وهي عصب اقتصاد الولاية وخلية تنسيق مشاريع ستتحول إلى وكالة للتنمية ، أمر يستحق التهنئة والإشادة ونعنبره تمييزا إيجابيا يستجيب للمتطلبات ويحفز السكان على النهوض والتحرك لتغيير واقعهم وتحسين ظروف التنموية وتطويرها. فما كان يشاع عن الولاية بأن لها خصوصية وتمييزا مجانب للصواب ، وتكذبه الأرقام والوقائع على الأرض. وقد آن الأوان للوعي بمشاكلنا وحقيقة من و ما نحن عليه. والوعي بالمشاكل جزء من حلها.
د. الحسن ولد أعمر بلول