الزنانة الإسرائيلية تدخل على الخط في نزاع الصحراء الغربية وتقصف الأبرياء كما تفعل في غزة.
منذ أمد بعيد، ظلت شعوب المغرب العربي تطمح للوحدة السياسية والاقتصادية بين دولها الخمسة ، إلا أن القضية الصحراوية باتت العقبة الكبرى التي تحول دون تحقيق ذلك. والأدهى والأمر من ذلك، هو أنه بسبب هذا النزاع، دفعت شعوب المنطقة أثمانًا غالية، ومازالت تدفعها إلى اليوم. وللأسف الشديد، شهد هذا النزاع مؤخرا تطورا خطيرًا بعد أن غيرت المملكة المغربية قواعد الاشتباك بإدخالها على الخط المسيرات التى حصلت عليها من إسرائيل إثر صفقة التطبيع! ولم تنتظر طويلا حتي استخدمت هذه المسيرات في المناطق الصحراوية المجاورة لموريتانيا والتي مازالت خارج سلطتها. وكنتيجة لهذا التفوق الجوي الآني، أصبحت تقصف كل السيارات العابرة لهذه المناطق، حتى أن قصفها العشوائي قد طال المنمين والمنقبين عن الذهب، الذين ينتشرون هنا وهناك يبتغون فضلا من الله، والذين لا يحملون لا سلاحا ولا مخدرات حتى! وفي هذا السياق، قام الجيش المغربي، يوم 04-01-2024، بواسطة إحدى هذه المسيرات، بغارة على سيارة مدنية، على متنها ثلاثة منمين من سكان مقاطعة بئر أمكرين، قتل إثرها أثنين منهم على الفور، بينما بترت الأطراف العليا للثالث. والقتيلان هما: محمد الأمين أعبيد أمو، وسيد أحمد باكمو. وأيضا، قبل هذه الحادثة بعدة أيام، حصلت مجزرة أخرى، عندما قامت مسيرة مغربية بقصفت مجموعة أخرى من المنقبين كانوا على متن ثلاث سيارات. وخلف أيضا هذا الاعتداء السافر أربعة قتلى موريتانيين، بالإضافة إلى اشتعال سياراتهم. ومن الجدير بالذكر أن هتين الغارتين وقعتا قبالة مقاطعة بئر أمكرين، على بعد حوالي 130 كلم داخل الشريط الحدودي الصحراوي المذكور. وإثر هتين الحادثتين الأليمتين واللتين أودت بحياة هؤلاء الموريتانيين العزل، أتقدم بأصدق التعازي إلى ذوي الضحايا وأرجو من الله تبارك وتعالى أن يتقبلهم عنده من الشهداء. وبخصوص صفقة التطبيع، فإن مخططات طرفيها تتشابه إلى حد بعيد، مع اختلاف في ميدان التطبيق. فكل طرف يغني على ليلاه، وليلى لا تقر. فالمغرب هدفه الأساسي هو تصفية القضية الصحراوية من خلال اعتراف إسرائيل وحلفاؤها بمغربية الصحراء الغربية، من جهة، والاستقواء عسكريا بهؤلاء الحلفاء، من جهة أخرى. أما إسرائيل، فيمكن قراءة أهدافها تحت نفس البند، ألا وهو تصفية القضية الفلسطينية، من خلال توسيع دائرة التطبيع، بالإضافة إلى تسليح بعض الأطراف ضد البعض لاشعال الحروب والفتن بين دول المنطقة، قصد تدمير قدراتها ومقدراتها. وعلى ضوء هذه الأحداث المتكررة، والمؤسفة والمدانة، يجب التذكير بأن بلدنا ينتهج سياسة حسن الجوار ويتشبث بالشرائع السماوية والمعاهدات الدولية الأساسية لحقوق الإنسان. فلم يسجل عليه أبدا أنه قصف في مناطقه المحذورة، إلا أهل السوء، من إرهابيين ومهربين للمخدرات. وعلى الرغم من ذلك كله، فإن مواطنيه قد تعرضوا عدة مرات للقتل البشيع في شمال وشرق البلاد. وصدق زهير بن أبي سلمى حين قال: ومن لا يظلم الناس يظلم. وفي خضم هذا الجو المشحون بالكراهية، فإن بعض المحللين يرون أن المنطقة مقبلة على تصعيد عسكري خطير سيبدأ بسباق إلى التسلح وينتهي بحرب طاحنة، لا قدر الله. وهذا، قطعا، لا يخدم إلا الأعداء، كما أن بعض هؤلاء المحللين يراهنون على أن استعمال القوة العسكرية لن يجدي نفعا لأي طرف لأن كل الحروب تنتهي دائما بالمسار السلمي. وعليه، فإنه من الضروري أن يدرك كل طرف ذلك وأن يعمل به قبل أن يفوت الأوان. والممر الإجباري لهذا المسار السلمي تتصدره تسوية القضية الصحراوية. ولبلوغ هذا المسعى، يجب على المملكة المغربية النزول من الشجرة والقبول بتنظيم تقرير مصير حر ونزيه لصالح الصحراويين كافة وذلك بإشراف أممي، على أن يقبل الخاسر بنتيجته. وعندئذ سيسود السلام والوئام والازدهار في المنطقة ويتسنى للقادة تكريس كل جهودهم، لبناء دولهم، ولتحقيق حلم شعوبهم في إرساء وحدة المغرب العربي الكبير..
بقلم العقيد المتقاعد أنه الصوفي