لا يختلف إثنان في خطورة الشائعات، هذه مسلمة الكل يعترف بها لحد أنها لم تعد مطروحة للنقاش ونحن المجتمع الشغوف بحب ابداء الرأي في كل شاردة وواردة فلا يخلو صالون من نقاش محتدم بين المؤيد والمعارض لأي طرح مهما كان نوعه لكن مسألة خطورة الشائعات استثناء وربما هي الاستثناء الذي يؤكد القاعدة.
وعلى الرغم من ذلك؛ والأمر فيه غرابة عجيبة؛ فإن الشائعة أصبحت اليوم بفعل فاعل منتشرة فينا. والاغرب المثير للعجب والحيرة كوننا ننساق وراءها في كل مرة.
وإذا كانت الفتنة كما هو معروف أشد من القتل فإننا لا نبالغ إذا قلنا إن الشائعة أشد من الفتنة وبالتالي فهي أشد من القتل.فكيف بنا والحال هذه أن نظل دوما ننجرف وراء الشائعات ونحن نعرف مسبقا أنها في نهاية المطاف شائعات.
غريب أمرنا فنحن لا نخضع في هذه لأي معيار إن لم نعمم.
لسنا بحاجة إلى الذهاب بعيدا في هذا المنحي وشد العضض بالحجج والبراهين على خطورة الشائعة لكون الجدل في القضية محسوم سلفا غير ما يمكننا طرحه في هذا السياق هو كيف بنا ونحن المتفققون على المسألة دون جدل نعاود الخطأ في مسألة الانسياق وراء الشائعات ثم لا تكاد تنقضي الواحدة منها حتى نعاود الكرة.
نحن مجتمع مازالت البداوة تطبع تصرفاته إلى حد بعيد والمجتمعات البدوية طيبة بطبعها وهذا منفذ قاتل في المجتمعات المدنية إذ إنها لا تقبل الأمور إلا بعد وعيها وتمحيصها وتدقيقها.
وهذا ما يجعل غربال الوعي المدني لديها كفيل بمنع الترويج للشائعة على خلاف مجتمعنا الذي لا يتحرى التدقيق ولا يتريث أمام الأخبار مهما كان نوعها أو مصدرها.
وهذه هي قاصمة الظهر إذ إنها توفر البيئة المناسبة لتفاقم وانتشار الشائعة بسرعة مذهلة محدثة بذلك أضرارا تثلج صدور أصحاب هذه الشائعات.
نحن اليوم مطالبون بتغيير العقلية وهضم التحول الذي شهده مجتمعنا وبفعله انتقل دون تحضير الي المدينة والذي يتطلب المزيد من اليقظة والوعي بالسلوك الذي تفرضه المدينة.
ومن أجل الوصول إلى هذا المبتغي والأمر الضروري والملح لا بدمن ضافر الجهود من الفاعلين في هيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام لتسريع وتيرة هذا الانتقال من خلال حملات توعويةا لهادفةالمدوسة.
وأي تراخي في المسألة ستكون له عواقب وخيمة خصوصا في ظل تنامي وسائل التواصل الاجتماعي وتوفرها في يدي كل منا دون استثناء.