تعتبر القبيلة نظاما اجتماعيا للتضامن والتعاضد بين مجموعة بشرية ينحدر بعض المنتسبين اليها من نسب واحد وتتشكل من عدة عشائر. وقد لا يشترك الكثير من اعضائها في نفس النسب ولا ينتمون الي العشيرة او العشائر التي تنبني اصلا عليها القبيلة.وبذلك يكون رباط التعاون والتعاضد هو الاساس في التنظيم القبلي بدل الاشتراك في النسب.
وفي مجتمعنا لعبت القبيلة تاريخيا من خلال الادوار المنوطة بها وبزعماتها ادورا كبيرة علي جميع المستويات الاقتصادية من خلال الانشطة الرعوية والزراعبة بتوفير المياء و البحث عن المراعي وتبادل السلع.
كما لعبت القبيلة دورا كبيرا في مجلات الحماية والتعاون والتكفل بالاحتياحات الاساسية للافراد والاسر المنتمين لها وساهمت من الناحية الثقافية والاخلاقية في التنافس في تمثل بعض القيم المفيدة كالعلم والبذل
والتضحية وكذا الشحاعة والسخاء.
الا ان القبيلة كاي تنظيم اجتماعي هو وليد زمانه بحيث يؤدي الوظائف انفة الذكر في حقبة زمنية معينة وبتجاوز مقتضيات واحتياجات تلك الحقبة والمرور الي مراحل اوحقبة اخري لم يعد ذلك التنظيم قادرا علي الايفاء بالضرورات التي تترتب عن احتياجات المجتمع نتيجة التطورات الحاصلة.
فاذا كانت الاحتياجات التي الت اليها التطورات المتجددة تتطلب سلطة مركزية تنتظم في دولة قانون قائمة علي روح ومعاني المواطنة المكرسة للانتماء الي مجموعة وطنية موحدة فلم يعد للتنظيم القبلي دور، اذ من المفروض ان تتكفل الدولة التي تنتظم في اطارها المجموعة الوطنية باحتياجات المجتمع خاصة ان هذه الاحتياجات اضحت من حيث حجمها وطبيعتها لا يمكن ان تفي بها الا الدولة.
قد يقول قائل فاذا لم تقم الدولة بدورها لم يبق للناس الا اللجوء الي القبيلة لكن لاينبغي ان ننسي ان الذين مازالوا يتشبثون بالقبيلة في عقلياتهم يسعون الي فرضها علي الدولة.
فذاك التشبث هو القبلية التي تختلف عن القبيلة، فالفرق بين القبيلة والقبلية هو ان الاولي تنظبم رغم ما انطوي عليه من ظلم واضطهاد لبعض مكوناته لعب دورا في مرحلة من التاريخ بسد احتياجات محدودة لا ترقي الي مستوي ضرورات واحتياجات المجموعة الوطنية.
اما القبلية هي النهج الممانع للوجود فعلي للدولة وما يقتضيه من مجهود في مجال التنمية الاقتصادية و الخدمات الاجتماعية وسيادة القانون والعدل والمساواة بين كافة اعضاء المجموعة الوطنية.
كما يتمثل خطر القبلية في سعيها الي اخضاع الدولة لها بحيث تكرس هذه الاخيرة مصالح وامتيازات القيادات القبلية في كل المجلات علي حساب الغالبية العظمي من الشعب.
ان القبلية هي العقبة الكاداء في وجه بناء الدولة الوطنية القادرة وحدها علي احداث تنمية اقتصادية واجتماعية ونشر عن طريق القانون قيم المواطنة القائمة علي العدل والمساواة.
ان دولة القانون ليست ضرورة لحاضرنا ومستقبلنا فحسب بل هي كذلك ضرورة ومستوي من الوعي يمليه علينا محيطنا،فلسنا بمعزل عن هذا المحيط سواء كان عربيا او اسلاميا او افريقيا او دوليا.
ومن هنا فان القضية الفلسطينية باعتبارها قضية العرب والمسلمين وكل احرار العالم، وهي كذلك بامتياز قضية شعب، هل ينبغي ان نتعامل معها من منظار اننا شعب او قبائل شتي؟.
وهل من الحصافة بمكان بالنسبة لنخبنا وساستنا ان نصدر النفس القبلي الذي يؤرقنا محليا الي خارج حدودنا الي شعب نشترك معه في الاسلام والعروبة.
لماذا نقزم انفسنا ونختزلها في هذه القبيلة او تلك ونتغاضي عن كوننا ننتمي الي امة الاسلام والعرب؟
فاذا كنا لانولي اهتماما لهذين الانتمائين لماذا لا نعتبر مثل كل احرار العالم ان القضية الفلسطينية لعدالتها هي قضية شعب ونواجهها بالمساندة بكل ما اوتينا من قوة باعتبارها كذلك؟.
ان التضحيات والبطولات الاسطورية للمقاومة التي نشاهدها كل يوم لا تتم الا باسم كافة الشعب الفلسطيني.
.