عصف الخبر المباغت بهدوء المساء "رحل ولد عمير"! ألقت جملة النعي المقتضبة هذه بكلكلها علي، فذهلت لدرجة التبلد..
تزاحمت المواقف والمشاهد التي عرفت فيها الفقيد، والسمة الموحدة بينها كانت الابتسامة الدائمة والمزاح حتى في أدق الظروف وأشدها ضغطا على الأعصاب.. هكذا عرفت ولد عمير مديرا وكذا كانت لقاءاتي به من قبل ومن بعد.
أجد صعوبة في سرد تفاصيل سنوات أربع جمعتني به تحت مظلة الوكالة الموريتانية للأنباء، ولكني أشهد له بالنصح و التقدير والتواضع للجميع، تلمس لديه من شفافية الروح وصدق الاعتذار ما يخفف الأثقال التي تدلف إلى مكتبه محملا بها.
"ليست لي سابقة في الإدارة العمومية، وأحاول أن أترك بصمة في هذه المؤسسة التي ساقني القدر إليها" يقول المدير محمد فال ولد ابي (عمير) محاولا خفض سقف التوقع من عمل دؤوب ظل يكابده حتى آخر ساعات توليه منصب المدير العام للوكالة، ورغم ذلك فقد ترك أثره باديا.
أثرٌ حوَّل بناية متآكلة تعاورتها الملوحة وانعدام الصيانة حينا من الدهر، إلى مقر بهي بحدائقه وملحقاته.. أثرٌ ضاعف رواتب الموظفين بعد اعتماد نظام أساسي كفل الكثير من الحقوق الضائعة، ولم يأل جهدا في تحسين ظروف المتعاونين رغم العقبات..
ولقد عمل بجد على تطوير محتوى وشكل المخرجات، ونظم أنشطة كانت ناجحة إلى حد كبير، من بينها معرض قيم لمختارات من أرشيف الوكالة.
الكتابة في حق صحفي مقتدر ومدير ثمين وإنسان راق بحجم ولد عمير تحد حقيقي، والعبارات والأفكار شتات متناثر تحت تأثير الصدمة، فالخطب جلل والرزء فادح ولا حول ولا قوة إلا بالله!
إنا لله وإنا إليه راجعون
اللهم ارحمه واغفر له وألهم محبيه الصبر والسلوان.