المفكر العربي علي الشرفاء الحمادي يكتب : المسلمون تائهون بين الروايات

سبت, 07/13/2024 - 20:36

 

إنه بتلك الفِرية وأعمال التزوير من تأليف الروايات والأقاويل المنسوبة للرسول عليه السلام كذباً وافتراءً يتوه المسلمون (أهل السنة والجماعة) في أكثر من 41 حديثاً، يستندون إلى مرجعيات شابها الهوى والافتقار لإدراك مقاصد رسالة الإسلام وحكمة آيات القرآنِ لمصلحة الانسان في الدنيا والآخرة.

أصبحت (كتب البخاري، والترمذي، ومسلم، وأبي داود، والنسائي، وابن ماجه)، يضاف إليها كتب الفقهاء أئمة المذاهب وهم (المالكي، والشافعي، والحنبلي، والحنفي) مرجعيات معتمدة لرسالة الإسلام، حيث خلقت تلك الكتب والمفاهيم التي يتناقض أكثرها مع مقاصد الرحمة والعدل والسلام والإحسان وتحريم الاعتداء على الإنسان والحرية المطلقة للناس باختيار عقائدهم دون إكراه وتقديساً لحقّ الحياة للإنسان.

الأقاويل المنسوبة للرسول فرقت المسلمين

فتفرَّق المسلمون بعد اتباعهم للروايات المكذوبة والمذاهب الملفقة وأصبح كل مسلم يفتخر بانتمائه لمذهبه الذي يؤمن به ويأخذ منه دينه فهو الأفضل عن المذاهب الأخرى فتعددت المناهج الدينية وتصادمت المرجعيات الإسلامية بتناقضاتها وكل منهم يعتقد بالأفضلية، بالرغم من أن رسالة الإسلام التي أنزلها الله على رسوله عليه السلام في القرآن لم يكلف الله أحداً من البشر ليكونوا أوصياء على الناس في إقامة شعائر العبادات ومحاسبتهم على التقصير أو التخلف عن أدائها ومحاسبة المسلمين على ذلك.

صراع عصف بوحدة المسلمين

وتسببت مرجعية الروايات في خلق حالة صراع جدلي وأناني عصف بوحدة المسلمين فاستمرأوا الخلافَ ونشأ الصراع بينهم اقتتالاً وسفكاً للدماءِ وتباعدت النفوس وخلقت الحواجز النفسية بين الطوائف المختلفة والفرق المتنافرة وحلّ الخوفُ والفزعُ محل الأمان وحل الحرب بدلاً من السلام في المجتمعات الإسلامية وحل العدوان بدلاً من التعاون لتحقيق الاستقرار وضاعت فرص البناء والتعمير والتقدم لانشغال المسلمين فيما بينهم من خلاف وصراع فأحكم الطامعون قبضتَهم على ثروات العرب والمسلمين، واستعمروهم سنين طويلة واستحلّوا ديارهم واستباحوا حقوقهم وحرماتِهم، لأنهم خالفوا أمر الله لهم في قوله سبحانه وما بلغهم به الرسول الأمين: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) (آل عمران: 3).

 بماذا سيتحقق للمسلمين الاعتصام بحبل الله؟

حينما يطبقون أمر الله بطاعته في قوله سبحانه: (اتَّبِعوا ما أُنزِلَ إِلَيكُم مِن رَبِّكُم وَلا تَتَّبِعوا مِن دونِهِ أَولِياءَ قَليلًا ما تَذَكَّرونَ) (الأعراف: 4)، ويأخذون تحذيره بالطاعة والجدّية، لأن الله سبحانه أعلم بما تخفيه الأقدار حين خاطب الله سبحانه المسلمين بقوله: (وَأَطيعُوا اللَّـهَ وَرَسولَهُ وَلا تَنازَعوا فَتَفشَلوا وَتَذهَبَ ريحُكُم) (الأنفال: 46).

الشيعة… روايات مختلفة وأساطير مصطنعة

كذلك يتوه الشيعة في مذاهب شتى بفعل روايات مختلقة وأساطير مصطنعةِ ومرجعيات متعددة يشغلون جُلَّ أوقاتهم في روايات أضرت أكثر مما نفعت، وفرَّقت أكثر مما وحَّدت، وشجعت على الظلم أكثر مما دعت إلى العدل، وزرعت في النفوس الكراهية والقسوة أكثر مما دعت إلى الرحمة.

وابتعدت عدة فرق منهم عن التوحيد وأشركوا بالله في كثير من الطقوس الدينية واعتقدوا في أقرباء الرسول عليه السلام بأنهم شفعاؤهم عند الله يدخلونهم الجنة ويغفر الله لهم بوسيلة توسطهم عند الله سبحانه فذهبوا بعيدًا عن رسالة الإسلام وأصبح أهل السنة والجماعة وفِرق الشيعة المتعددة أحزابًا متناحرة متصارعة، حينما انصرفوا عن القرآن الكريم واتبعوا علماءهم وشيوخ الدين الذين تم تقديسهم ورفعهم إلى درجة النبوة والتبجيل.

الافتراء على الرسول الأمين

هذا وقد اعتبر القرآن كل الروايات المصنَّفة بالأحاديث أقوالاً مفتراةً على الله ورسوله، كما جاء في قوله سبحانه: (قُلْ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لَا يُفْلِحُونَ) (يونس: 69). وأبطلها القرآن بكل مسمياتها وتصنيفاتها كلية كما جاء في قول الله سبحانه مخاطباً رسوله عليه السلام بصيغة استنكارية: (تِلْكَ آيَاتُ اللَّهِ نَتْلُوهَا عَلَيْكَ بِالْحَقِّ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) (الجاثية: 6).