
مع تصاعد التوترات في دولة مالي المجاورة، ومع اشتداد وتيرة النزاعات المسلحة هناك، وجد الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني نفسه مضطرًا لاتخاذ إجراءات حاسمة لحماية مواطنيه، وخاصة سكان المناطق الشرقية القريبة من الحدود المالية.
قبيل موسم الصيف، أصدر الرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني أوامره بتوفير الأعلاف لجميع سكان هذه المناطق، محذرًا من أن الحدود الموريتانية المالية غير آمنة وداعيًا السكان والمنمين إلى تجنب دخول الأراضي المالية حفاظًا على حياتهم.
لم تجد توجيهات الرئيس غزواني آذانًا صاغية من السكان ولم تلقَ الاهتمام اللازم من القطاعات المعنية، حيث تجاهلت مفوضة الأمن الغذائي السيدة توتو منت خطري ووزير التنمية الحيوانية احمديت ولد الشين هذه الأوامر، ونتيجة لذلك، لم يتم توفير الأعلاف بشكل كافٍ و مطلوب وشفاف حسب المعطيات علي الأرض ، مما دفع أغلب المنمين في المناطق الشرقية إلى البحث عن وسائل بديلة للحفاظ على مواشيهم، رغم المخاطر الجسيمة المترتبة على ذلك.
فرغم وجود أبناء هذه المناطق في المركزين الهامين (مفوضية الأمن الغذائي ووزارة الثروة الحيوانية ) إلا أنهم فشلوا في تسيير هذه الأزمة والمهمة التي أوكلها لهم فخامة رئيس الجمهورية وهو في بداية حملته الانتخابية.
بغية مساعدة أهلهم في هذه الولايات الحدودية التي تعاني من الحرب الأهلية في مالي مما أثار استياءً كبيرًا بين السكان.
وتفاقم الوضع بغياب دور ولاة المناطق الشرقية بعدم تبليغ السلطات العليا عن هذا الفشل مما أدى إلى انتشار الحديث عن بيع الأعلاف للتجار بدلًا من توفيرها للمنمين.
لقد زاد هذا الأمر من معاناة السكان، حيث أصبح العطش ونقص الماء مشكلة قاتلة، لم يتم التصدي لها بالشكل المناسب.
ورغم التقاعس الواضح من بعض المسؤولين، إلا أن وزارة المياه -بحسب سكان المناطق الشرقية- بقيادة الوزير إسماعيل ولد عبد الفتاح قامت بمحاولات جادة لإيجاد حلول مائية من خلال حفر الآبار واعتماد نقاط مائية جديدة، هذه الجهود كانت بمثابة طوق نجاة للسكان، في وقت انشغل فيه بعض الأطر المحلية بمصالحهم الخاصة.
تتطلب هذه الأزمة تدخلًا عاجلًا من الحكومة لمحاسبة المسؤولين عن هذا الإخفاق، وتحديدًا مفوضة الأمن الغذائي ووزير التنمية الحيوانية، اللذين يجب أن يُساءلا عن تقصيرهما في توفير الأعلاف، كما يجب على سكان المناطق الشرقية العودة بمواشيهم إلى أراضيهم وتجنب المخاطر في الأراضي المالية، حفاظًا على حياتهم ومواشيهم.
إن معالجة هذه الأزمة تتطلب تعاونًا فعّالًا بين الحكومة والمجتمع المحلي، لضمان توفير الموارد الأساسية بشكل عادل ومستدام، والالتزام بالتوجيهات الرئاسية لحماية السكان والمنمين من المخاطر المحيطة بهم.




