رسالة من خادم الغظف الشيخ الدده مفتاح الدين ولد الشيخ محمد لقظف إلي أهل الطريقة الغظفية في العالم :

اثنين, 08/19/2024 - 12:47

بسم الله الرحمن الرحيم

 

اللهم صلّ على النبيّ الحبيب محمد وعلى آله وصحبه وسلّم تسليما.

الحمد لله الواحد القهّار، العزيز الغفّار، تذكرة لأولي القلوب والأبصار، وتبصرة لذوي الالباب والاعتبار. والحمد لله الذي جعل الصفاء للإيمان عنوانا، وطهارة القلوب على سلوك طريق المصطفى صلى الله عليه وسلم دليلا وبيانا. والصلاة والسّلام على النبيّ المختار، ما أظلم اللّيل وأضاء النهار.

وبــعـد: 

فهذه رسالة إلى عامة الغظف في العالم، أهل الطريقة الشاذلية الغظفية، طريقة العلماء والزهاد. موضوعها هو الدعوة إلى العمل على النهوض بهذه الطريقة، وإحياء آدابها ونشر شمائلها بين الناس. وقد بدأت كتابتها في مسجد نبيّنا محمد صلى الله عليه وسلم، بالمدينته المنورة، ليلة الجمعة: 29 ذي الحجة / 1445هـ الموافق 4/7/2024م. وأرجو الله أن تنالني وإياكم بركات جواره صلى الله عليه وسلّم. وأن يتقبل الله منّا جميعا صالح الأعمال والنيّات، وأن يهدينا سواء السبيل، بجاه نبيّه الاكرم عليه أفضل الصلاة والسّلام.

أشياخي وإخواني وأحبتي الغظف:

إن تاريخ الـغـظـف ـ الذي صنعوه بمشيئة الله منذ بداية الطريقة إلى يومنا هذا ـ هو تاريخٌ عظيمٌ ناضحٌ بالفضائل والمكرمات، مليءٌ بالمآثر والخُصلات.  فقد كان تاريخا حافلا بالعمل والمجاهدات في الارشاد والامداد والجهاد في سبيل الله.  وما كان ذلك إلا لأن أصحاب هذه الطريقة قد جمعوا فضائل مقامات التزكية بالإرشاد والتربية مع محاسن البذل والعطاء والعمل الجاد في إعمار الأرض ونفع المسلمين. فشيّدوا تاريخا قَوامه الزهد والرضى في الطلَب، والجِدّ والعزيمة في الأخذ بأسباب الإنتاج والبناء.

وقد صارت لهم في سبيل تحقيق ذلك التاريخ المبارك تنظيمات ومؤسسات وملتقيات؛ انتظم أمرُ الطريقة فيها، فكان لها "نظامها الفريد القائم على التخصص والتراتبية في إدارة شؤون الزاوية (التدريس والقضاء والزراعة والقوافل والنخيل والأثاث والضيافة)، إذ لكل مجال مصلحة مريد متخصص" كما أوضح تفاصيل ذلك كتاب "الطريقة الشاذلية الغظفية: الإرشاد والإمداد والجهاد" الصادر سنة 2022م.

وإذا كان هذا هو العنوان الجامع لحالة الطريقة في ماضيها البهي، فإن الحاجة ماسة اليوم كذلك إلى مواصلة إشراقة تاريخ الطريقة، وفق مقتضيات حياة الناس اليوم، ووفق الأساليب الجديدة المتاحة، والتي تُفيد في تجديد عمل الارشاد والامداد للزاوية وللطريقة، وذلك استفادةً من مناهج عمل جميع زوايا الطرق الصوفية اليوم، وجميع عناوين العمل الإسلامي من هيئات ومنظمات بتسمياتهم التي لا تعد ولا تحصى، فلهم جميعا اجتماعات، ولهم جميعا مراكز ومباني يسمونها بمصطلحاتهم (ولا مشاحة في الاصطلاح)، يجتمعون فيها لأمور الدّين والدّنيا.

وقد كان للغظف منذ القدم شيء من ذلك التنظيم في العمل الجماعي، إذ كانت لهم الاجتماعات في الحضر والزوايا، وفي فلات الأرض، ونظموا الزيارات واللقاءات، وكتبوا التصانيف والمؤلفات، ودوّنوا قصصهم ومناقبهم، ونظموا الشعر الفصيح والشعر الحساني. وتعمل كل هذه الأمور على المساعدة في نشر آداب الطريقة، والتعريف بشمائلها، وتقوي مطامح التربية والإرشاد، وتوثق أواصر التعارف والتعاون والتعاطف بين أهل الطريقة وأحبائها فيما بينهم من جهة، وفيما بينهم وبين غيرهم من جهة أخرى. والتعاون والتراحم من القيم الروحية الصوفية المعتبرة.

أيها الإخوة الكرام:

إن الدعوة اليوم إلى النهوض بهذه الطريقة، وإحياء آدابها ونشر شمائلها بين الناس، هي دعوة تدخل في باب "وتعاونوا على البرّ والتقوى"، ولا يمكن أن يتم ذلك في هذا الزمن إلا من خلال تقوية دور الزاوية الكبرى للطريقة الشاذلية الغظفية في مدينة بومديد (عاصمة الغظف)، لتكون نبراسا ناظما وقائدا للأنشطة الدعوية والعلمية للطريقة، ولاجتماعاتها وملتقياتها ومواسمها. وأؤكد هنا في هذه الرسالة على أهمية الاعتناء بأمور ثلاثة، وبذل كل الوسع لها في الوقت والجاه والمال مع الدعاء أولا، للمساهمة في إحياء إشعاع هذه الطريقة المباركة. وهذه الأمور هي:

1 ــ الاهتمام بالزاوية المباركة الكبيرة في عاصمة الغظف بومديد، وفتح فروع لها، وتفعيل دورها في خدمة الطريقة وتاريخها، وبذل الجهد فيها لكل ما هو متعلقٌ بالطريقة، ويزيد في إحيائها.

2 ــ إعادة طباعة كتاب "الطريقة الشاذلية الغظفية: الإرشاد والإمداد والجهاد"، واستكمال ما فيه من نواقص لأن العمل البشري لا يخلو من نقص، وطباعة كتب ومصنفات علماء الطريقة وفقهائها، ونشر الإنتاج المعرفي والأدبي لهم، وتدوين السير والمآثر المعروفة عن أهل الطريقة ونحو ذلك.

3 ــ الاعتناء بالملتقى السنوي للغظف، ودعمه ظاهراً وباطناً بكل ما هو متاح، وأن يحضره من أتيحت له فرصة ذلك. وهو الآن في صدد دورته الثالثة، التي نسأل الله تعالى إقامتها على حالة الحمد والشكر، وأن يجعل في ذلك خيرا وبركة. وأطالب الغظف بإقامة ملتقيات أخرى مع هذا الملتقى في بلادنا موريتانيا، وفي غيرها من البلدان التي يتواجد فيها الغظف، كما يفعل أهل الطرق الصوفية الأخرى. وفي الحديث الشريف أن يد الله مع الجماعة.

وهذه المسائل وغيرها من أسباب النماء والبناء، وتركها من أسباب الهدم والفناء. ومن ظن أن هذه المسائل ليست من منهج الغظف، وأن من سعى لها لا يريد إلا الشهرة والرياء، ويبتعد عن الخمول المطلوب عند أهل الطريقة، فهيهات، فليتمعَّن النظر في الأمر بعين الانصاف والحق، ويقيسه على ما كان عليه الغظف من اتباع السنّة المحمدية الحميدة في أنشطتهم وأعمالهم.

وفي ذلك نُذَكِّرُ بأن حياة الزهد هي صدق التوجه إلى الله، والإخلاص له وحده، وعدم التعلق بالدنيا وجعلها غاية المطلوب، ومبلغ الهمِّ، لكن الزهد ـ في نفس الوقت ـ ليس انقطاعا عن الدنيا، إذ لا رهبانية في الإسلام، فالمسلم يشتغل ويعمل لكن لا يسمح للدنيا بأن تغريه، وتُصْرِفُه عن طاعة ربّه. ويقول الحق سبحانه وتعالي " ومن يعمل مثقال ذرّة خيراً يره"، ويقول سبحانه وتعالي "إن سعيكم لشتى فأما من اعطى واتّقى وصدق بالحُسنى فسنيسّره لليسرى". ويقول النبي صلى الله عليه وسلم:"إنما الأعمال بالنيّات ...." إلى آخره. وقال شيخ الشيوخ مولانا عبد القادر الجيلاني "أخرج الدنيا من قلبك وضعها في يدك أو في جيبك فإنها لا تضرك".

ومن مآثر الطريقة الشاذلية الغظفية في هذا المجال أن شيخنا الشيخ سيدي محمد بن أحمد الأسود طلب الدُّعاء من شيخه شيخنا محمد الأغظف أن يرزقه الله الغنى، فقال له الشيخ يا لك من عاقل تريد الدنيا لتُعِدَّ منها لآخرتك. وهذا مناط القول المأثور بأن "الدنيا مطية الأخرة". 

إخوتي الكرام:

إن الهدف من هذا المسعى هو الأخذ بأسباب النماء والبناء، وهذه المسائل الجديدة مثل بناء الزوايا، وإقامة الملتقيات، وطباعة الكتب عن تاريخ ومناقب أهل الطريقة، لا تخالف أحوال أهل الطريقة التي عُرِفوا بها على مدِّ الأزمنة والعصور. فكما عرف سلف هذه الطريقة بالتواضع وانكار الذات، وبالزهد والخمول، فقد عرفوا كذلك بالإنتاج والبناء، والبذل والعطاء، ولا يستقيم إحياء الطريقة إلا بالمحافظة على هذين الركنيين من حال أهل الطريقة. والأخذ بهذه الأسباب الجديدة لا يضر ـ بحول الله ـ في حال التمسك بمكارم صفات الزهد والتواضع التي هي من أسس التربية الروحية عند الغظف.  

وبالعودة إلى السير الطاهرة لشيوخ الطريقة الشاذلية الغظفية فسنجد كثيرا من الإشارات الدالة على ذلك، فلقد كان لهم اجتماعات في الازمنة المختلفة والبقاع المتفرقة، ولهم زيارات متعددة ومتجددة، فشيخنا الشيخ محمد الأغظف بن حماه الله بن سالم كانت له زيارات متعددة ومتكررة للصالحين، وإذا حصلت الزيارات حصلت الاجتماعات والتذاكر ويفهم ذلك حتى إن لم يذكر. ومن أشهر ذلك اجتماعه بشيخنا الطالب عبد الوهاب الفلالي الجكني، وشيخنا الشيخ سيدي المختار الكنتي، وكان شيخنا الشيخ المختار بن طالب اعمر بن نوح مع شيخه شيخنا محمد الاغظف في جميع أحواله من يوم قدومه عليه إلى وفاته رحمه الله، وله هو الآخر اجتماعاته وزياراته، ومن أشهرها ما كان مع شيخنا الشيخ سيدي عبد الله بن الحاج إبراهيم، وشيخنا الشيخ السيد أحمد بن عمار شيخ الغظف الذي جمعهم بعون من الله في أوجفت وضواحيها من موريتانيا، فشيخنا الشيخ السيد أحمد بن عمار هو جمع الألاف من أهل الطريقة وسماهم بهذا الاسم ( الغظف) نسبة لشيخه شيخنا محمد الاغظف بن حماه الله بن سالم.

ثم شيخنا الخلف الذي نهض بشؤون حضرته بعد شيخه ووالده شيخنا الشيخ سيد أحمد، وكان عالما متضلعا في العلوم، ويغلب عليه الزهد والخمول والانقطاع للعبادة، وعهد الى طائفة من مريديه التفرغ للعبادة والذكر في معظم الاوقات، وقد عرف هؤلاء بجماعة المسجد، وانتشرت الطريقة على يده في أفله، حيث قام بزيارة إلى هناك، ونشر الطريقة تلامذته في الحوض ومالي، وانتسب اليها بعض سكان السنغال نتيجة الاحتكاكهم بقوافل "الغظف" الواردة إلى هناك،  مما يُذِّكر بالقول المأثور عن الجمع بين الزهد في الدنيا واتخاذ الأسباب عند أهل التصوف، وهو: " الجسد في الحانوت والقلب في الملكوت"، لأن التوكل لا يعني القعود عن السعي  كما ينقل عن الحارث المحاسبي.

وإذا كان شيخنا الخلف الخليفة (شيخ الغظف) قام بالزيارات، وعقد الاجتماعات، ونظم أمور حضرته وزاويته، وبثّ العلم في صدور مريديه، وحضّهم على العمل والانفاق، فهذا يعني أن معنى الزهد والخمول عند شيخ الطريقة لا يتنافى مع المسائل التي ذكرنا، ويعني كذلك أنه يجب السعي دوما في العمل الصالح، وذلك وفق آداب الغظف وسمتهم، ولهذا اشتهرت قولة شيخنا الخلف المنقولة عنه: "امشوا غظف، وتعالوا غضف" (أي اذهبوا وأنتم على طريقة الغظف وارجعوا وأنتم عليها) دليل واضح على أن العبرة في جوهر الأشياء لا مظاهرها المُتبدلة.

وكان هذا هو حال شيخنا التار بن شيخنا الشيخ سيد أحمد، وشيخنا محمد أحمد الكبير وشيخنا الغزواني بن شيخنا الخلف، والذي عُرف بشخصيته المتميزة التي جمعت بين الإمامة في الدّين، وفي مقامات التصوف وبين الرئاسة فأستطاع بحكمة وبركة أن يحفظ للطريقة موقعها المتميز ومكانتها المحترمة، وعلى نفس المنهج سار شيخنا محمد أحمد ابن شيخنا الغزواني.

وقد استمرت كل تلك الخصال حتى يوم الناس هذا، مع حضرة شيخنا محمد محمود الخلف بن شيخنا محمد أحمد وهو الخليفة العام اليوم للطريقة الغظفية، منذ بدأ خليفة لوالده في تدبير الشؤون العامة للحضرة، يأمر بتلقين ورد الطريقة لكل أحد يريده، ومُهتم بأمورها وأهلها، حفظه الله ورعاه. وهو أطال الله عمره ذو مكارم وفضائل لا تحصى، مُحِب لتلاوة القرآن الكريم، وهو وأحد أهله.  وبابه مفتوح لكل الناس، وأذنه صاغية لكل أحد، يخدم المسلمين بنفسه، وبوقته وهاتفه يقضي حوائجهم ويفرج همومهم. والكلام يطول فيه وفيما سبق من آبائه وأجداده.

ومن أمثلة لقاءات الغظف واجتماعاتهم، نجد زياراتهم المتكررة والمتعدد لأشياخهم، وخاصة زيارة ضريح شيخنا محمد الاغظف بن حماه الله بن سالم، وإلتقائهم عنده يذكرون الله تعالى، ومن ذلك الوافدين إليه من حضرة شيخنا عالي بن آف، ولكثرة ترددهم على الحضرة أقاموا حفريات للحصول على الماء، وبقي ذلك الحفر قائما حتى اليوم، ويسمى بالحسانية "كِنبِتْ الغُظف". وكان شيخنا مولاي اعلي بن شيخنا باب حسن بعد ذلك يقوم بزيارة مقام الشيخ في كل سنة مع تلامذته، ويلتقي بالغظف هناك في قرية المبروك، قرية أحفاد الشيخ رضي الله عنه، والتي بنوها عند مقامه.

ومن أمثلة لقاءات واجتماعات الغظف أيضا ما كان من اللقاءات التي تتم فيها المذاكرات العلمية، ومن ذلك ما كان يفعله شيخنا محمد الأمين بن زيني في زياراته الكثيرة لشيخنا باب حسن، ونقل الرسائل والمسائل العلمية المتداولة بين الشيخين: شيخنا عالي ولد آف وشيخنا باب حسن ونقل رسائل بعضهما لبعض. ومن ذلك زيارات الشيخ بونا عالي بن مين أمو صاحب الكتاب الذي يتناول سيرة ومناقب الغظف، إلى شيخه الشيخ مولاي علي بن الشيخ باب حسن.  

 ومن ذلك ما أقامه أشياخنا أهل بيه في حضراتهم، التي نهض فيها تعليم العلوم الشرعية بأنواعها والتربية بالروحية الزكية، ومن الزيارات المعلومة عندهم وعند الغظف ما كان من زيارة شيخنا محمد محمود بن بيه لشيخنا محمد محمود الخلف، وزيارة شيخنا المحفوظ لشيخنا محمد أحمد واجتماع بعضهم ببعض. وكذلك زيارة محمد أحمد التار (أيه) لشيخنا محمد محمود بن بيه، وفي ذلك قصة سببها رؤيا، ولكثير من هذه الزيارات والاجتماعات قصص ومآثر.

 ومن ذلك ما كان من المشاركات العلمية والدعوية لشيخنا غالي بن محمد الأمين بن غالي وأبنائه وأحفاده الكرام في المدينة المنورة. ومثل ذلك كان الشرفاء أهل يوسف في الحرمين الشريفين أصحاب مشاركة جُلّى في كل ذلك، وقد كان لجدهم الشريف شيخنا المختار بن يوسف التنواجيوي زيارة مع شيخه محمد محمود بن بيه، وفي ذلك قصة مشهورة عنه وعن أخيه، كما كانت بينه وبين تلامذته أهل الطالب عبد الباقي زيارات واجتماعات متعددة.

ومن هذه الأعمال الصالحة عند الغظف ما هو موجود في وقتنا الحاضر، ومن أشهرها ما يقوم به شيخنا وعلامتنا المجدد الشيخ عبد الله ابن بيه داخل موريتانيا وخارجها، من أنشطة معرفية ودينية في مجال العمل الإسلامي، وما يصاحبه من إنفاق، ومن عمل خيري في كل مكان. ومنها كذلك ما يقوم به شيخنا المنفق في الله صاحب الكرم شيخنا عايش الحويان في المملكة الاردنية الهاشمية من أعمال الفضل والخير، وما يَسْعى فيه من التربية على آداب الطريقة، والعناية بالغظف أينما كانوا. ومن ذلك أيضا ما يقوم به شيخنا الشيخ سيدي محمد بن محمد الأمين بن محمد المختار بن شيخنا الخلف في زاويته الكائنة في مقاطعة قوزان بولاية أضنه من تركيا، من خدمة للإسلام والمسلمين، وما يقومون به في الزاوية من إحياء للمناسبات الدينية كإحياء المولد النبوي الشريف ونحو ذلك.

أخواني الكرام:

لا يمكن حصر مظاهر تاريخ الغظف الحافل في مجال الدعوة والإرشاد والتربية، ولا في مجال الإعمار والبناء والإنتاج، فقد كانوا شموعا مضيئة في سماء البذل والعطاء، والتربية والإرشاد. واستمرار رسالة الغظف الزكية يقع حملها اليوم على عاتق اللاحقين منهم، لمواصلة عمل السابقين منهم. وفي سبيل تحقيق ذلك قد تختلف الوسائل والأدوات؛ لكن لا تختلف المطالب والغايات، وهي نشر آداب الطريقة وشمائلها بين الناس، والتربية على بلوغ مقامات التزكية الروحية للأفراد والجماعات.

ومن المعروف أن تحقيق كل ذلك في الوقت الحالي يستلزم من الغظف ألا يكون لهم مانعا خاصا يمنعهم من الاستفادة من الوسائل والأسباب التي ينتفع منها جميع نظرائهم من أصحاب الطرق الصوفية القائمة اليوم، لتسهيل طريق عملهم في تبليغ رسائلهم الدعوية وانشطتهم الروحية المباركة. 

أشياخي وإخواني وأحبتي الغظف:

هذه رسالة وجهتها إليكم وأسأل الله العلي القدير في مسجد نبيّه عليه الصلاة والسّلام أن يُوفقني وإياكم لما يحب ويرضى وهو العليم العظيم، وأن يُثبّتني وإياكم إن كنت على الحق، وأن يهديني سواء السبيل إن كنت على غيره، وأن يعينني وإياكم على الدّنيا بالدّنيا، وأن يُعينني على الآخرة بالتقى. فلا تنسوني من دعائكم يا أهل طريقة العلم والعلماء، والصلاح والأولياء، أهل الطريقة الشاذلية الغظفية.

والسلام من صفيّ ودّكم على الدّوام: الدده بن مفتاح الدين بن الشيخ محمد الأغظف.

حُرّرت تباعا في المدينة المنورة ـ نواكشوط: في ذي الحجة ـ صفر / 1445هـ، الموافق: يوليو ـ أغسطس /2024م