ولد الشيخ الغزواني يؤكد للأمم المتحدة تحسن مؤشرات أهداف التنمية في موريتانيا

أربعاء, 09/25/2024 - 09:58

الأخبار ميديا: أكد رئيس الجمهورية رئيس الاتحاد الافريقي محمـد ولد الشيخ الغزواني، في خطابه مساء أمس، أمام الدورة 79 للجمعية العامة للأمم المتحدة المنعقدة بنيويورك، أن موريتانيا جعلت من تحقيق أهداف التنمية المستديمة في أفق 2030 هدفا مركزيا تتكامل في العمل على تحقيقه كل سياساتها العمومية، مما مكن من تحسين مؤشرات العديد من أهداف التنمية المستدامة في البلاد.

وقد دعا ولد الشيخ الغزواني إلى تخفيف عبء مديونية الدول الإفريقية، وتصحيح الاختلالات الجلية في منظومة المساعدة الإنمائية، وفي الحكامة الدولية، السياسية والمالية، و تعزيز التعاون المتعدد الأطراف، لمساعدة القارة على الإقلاع الاقتصادي.

 

نص الخطاب:

 

"بسـم الله الرحمن الرحيم

 

وصلى الله على أشرف المرسلين؛

 

– السيد الرئيس؛

 

– أصحاب الجلالة والفخامة والسمو؛

 

– صاحب المعالي أنطونيو غوتيريس، الأمين العام للأمم المتحدة؛

 

– أصحاب المعالي والسعادة؛

 

– السادة والسيدات؛

 

أود ابتداء أن أتقدم بأحر التهانئ إلى صاحب المعالي السيد فيليمون يانغ، على توليه رئاسة الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، راجيا له كل التوفيق في قيادتها، ومهنئا في الآن ذاته صاحب السعادة السيد دينيس فرنسيس، على ما أبان عنه من حكمة، وكفاءة عالية، في إدارته للدورة الماضية، الثامنة والسبعين.

 

كما يطيب لي الإعراب عن عظيم تقديري، وتثميني، للجهود التي يبذلها سعادة الأمين العام للأمم المتحدة، السيد أنطونيو غوتيرس، في سبيل تطوير منظمتنا وتعزيز دورها كتعبير مؤسسي فعال، عن إرادتنا الجماعية، في رفع مختلف التحديات التي تواجه عالمنا على طريق تحقيق التنمية المستديمة الشاملة.

 

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو؛

 

أيها السادة والسيدات؛

 

إن شعار قمتنا هذه، الداعي إلى “العمل معا من أجل النهوض بالسلام والتنمية المستدامة والكرامة الإنسانية للأجيال الحالية والمقبلة” على نحو لا يستثني أحدا، ليختزل بقوة ووضوح، أهداف ومقاصد ميثاق الأمم المتحدة، مترجما في الوقت ذاته، عمق إدراكنا جميعا، لضرورة تعزيز تعاوننا، وتنسيق جهودنا، لرفع التحديات القائمة.

 

فإن ما شهده ويشهده عالمنا اليوم، من صدمات عنيفة، وأزمات غير مسبوقة، على مختلف الأصعدة، ليضعف كثيرا من قدرتنا، آحادا ومجتمعين، على الوفاء بما قطعناه على أنفسنا جماعيا، من التزامات في إطار أجندة 2030.

 

فالظرف الدولي القائم، بالغ الأثر السلبي، على جهود تحقيق التنمية المستدامة، خاصة في قارتنا الإفريقية، التي تعاني أصلا من اختلالات وعوائق، بنيوية وظرفية، تعيق جهودها الإنمائية، وتبطئ وتيرة تقدمها على طريق تحقيق أجندتي 2030 و2063 المتناغمتين.

 

فلا تزال قارتنا، تعاني الفقر والهشاشة والبطالة، وضعف المنظومات الصحية والتعليمية، من حيث الجودة والشمول، ناهيك عن تفشي الإرهاب، والنزاعات المسلحة، وتعاظم الآثار الهدامة للتغيرات المناخية.

 

وإن قتامة هذا المشهد الأفريقي، لتؤكد بقوة، الحاجة الملحة، إلى تخفيف عبء مديونية الدول الإفريقية الهائل، وتصحيح الاختلالات الجلية في منظومة المساعدة الإنمائية، وفي الحكامة الدولية، السياسية والمالية، وإلى تعزيز التعاون المتعدد الأطراف عموما.

 

فكل ذلك مما يساعد القارة على الإقلاع الاقتصادي بنحو يضاعف فعالية ما تبذله من جهود، في سبيل الوفاء بما التزمته دولها، مع المجتمع الدولي، من تحقيق أهداف التنمية المستديمة في أفق 2030.

 

ونحن، في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، عملا بمقتضى هذا الالتزام، جعلنا من تحقيق أهداف التنمية المستدامة، هدفا مركزيا تتكامل في العمل على تحقيقه كل سياساتنا العمومية.

 

وقد تمكنا، وإن بنحو طفيف، من تحسين مؤشرات العديد من أهداف التنمية المستدامة في بلادنا، كما يعكس ذلك تحسن ترتيبنا بين الدول في التقرير الأممي حول التنمية المستدامة 2024.

 

وما ذاك إلا بفضل ما بذلناه من جهد مكثف في سبيل تكريس دولة القانون والمؤسسات القوية وترقية الديمقراطية والحريات الفردية والجماعية، واعتماد سنة الحوار والتشاور أسلوبا ثابتا لإدارة الشأن العام، ودعم استقلالية القضاء واعتماد الشفافية ومحاربة الرشوة وكل أشكال الفساد إداريا كان أو ماليا.

 

وكذلك بفضل جهودنا المتواصلة لحماية وترقية حقوق الإنسان، من خلال مكافحة مخلفات الرق وأشكاله الحديثة، والاتجار بالبشر، وحماية حقوق المرأة والطفل، ومحاربة الهجرة غير النظامية، والجريمة العابرة للحدود.

 

ينضاف إلى ذلك ما استطعنا بحول الله وقوته، وبفضل التنفيذ الناجع لاستراتيجيتنا الأمنية المندمجة، توفيره من أمن وسلم واستقرار على رغم ما فشا في المحيطين الإقليمي والدولي من عنف وإرهاب وتأزم سياسي واجتماعي.

 

وكذلك ما أوليناه من عناية بالغة لدور الشباب في النهوض بالدول ودفع عجلة النماء والتطور مركزين على وضع الخطط والاستراتيجيات الكفيلة بتكوينه وتأهيله ودمجه في الحياة النشطة وتعزيز حضوره في مختلف مواقع تدبير الشأن العام.

 

ولقد كان لكل ما تقدم دور إيجابي في تكريس وحدتنا الوطنية، وتوطيد لحمتنا الاجتماعية، اللتين عملنا على تعزيزهما بجهد مكثف في سبيل القضاء على مختلف مظاهر الإقصاء والغبن والهشاشة، عبر بناء شبكة أمان اجتماعي واسعة ومتنوعة تهدف إلى تخفيف عبء إكراهات الحياة اليومية على الفئات الفقيرة وتعزيز قدرتها على الصمود وتمكينها من النفاذ إلى كل الخدمات العمومية.

 

كما أطلقنا عملية إصلاح واعدة لمنظومتنا التربوية، هدفها تأسيس مدرسة جمهورية تجسد قيم المساواة والإنصاف، وتضمن للجميع في ظروف متماثلة تعليما ذا جودة عالية، يكون رافعة للترقية الاجتماعية.

 

وبالموازاة مع ذلك، ضاعفنا الجهود من أجل توسيع نطاق عرض الخدمات الصحية وتحسينها، وضمان الولوج إلى الأدوية، وأنشأنا صندوقا لتحمل أعباء التأمين الصحي عن المواطنين غير المشمولين في برامج التأمين التقليدية، هذا إضافة إلى توفير مجانية بعض الخدمات الطبية الأساسية خاصة للأمهات والمسنين والأشخاص ذوي الإعاقة.

 

كما أننا، وعيا منا بما للتغيرات المناخية والتحديات البيئية، عموما، من انعكاسات سلبية على كوكبنا وبما لها كذلك من تأثير اقتصادي واجتماعي ذي تداعيات سياسية وأمنية قوية، خاصة في القارة الإفريقية عموما ومنطقة الساحل بوجه أخص، عملنا على خفض الانبعاثات الكربونية بنسبة 11%، ورفع نسبة الطاقات المتجددة في إجمالي استهلاكنا الطاقوي إلى 50% في أفق 2030، وستتعزز جهودنا في هذا المجال ببرنامج واسع لتطوير الهيدروجين الأخضر.

 

وعلاوة على جهودنا في ترقية الطاقات النظيفة التي تغطي اليوم نسبة 48% من مجموع الطاقات المستخدمة، فإن بلادنا مستمرة في مكافحة التصحر، في إطار مبادرة السور الأخضر الكبير، واللجنة المشتركة لمكافحة آثار الجفاف في منطقة الساحل.

 

وأود في هذا السياق أن أثمن عاليا مخرجات الدورة 28 لمؤتمر الأطراف بشأن التغير المناخي COP 28 التي احتضنتها الإمارات العربية المتحدة نهاية العام الماضي، آملا أن تتعزز تلك المكاسب البيئية خلال الدورة القادمة COP 29 التي ستحتضنها أذربيجان هذا العام، وكلنا أمل في أن تحترم الدول الصناعية التزاماتها بخفض الانبعاثات، والوفاء بتعهداتها في قمة باريس بهذا الخصوص.

 

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو؛

 

أيها السادة والسيدات؛

 

إن لدينا، في الجمهورية الإسلامية الموريتانية، قناعة راسخة بأن التعاون بين الدول لا يكون مثمرا وفعالا إلا بقدر ما يكون قائما على الصداقة والثقة والاحترام المتبادل.

 

ولذا، بنينا سياستنا الخارجية على عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، والعمل على تعزيز التعاون والصداقة، وصيانة السلم والأمن الدوليين، ودعم القضايا العادلة بميزان القانون الدولي، ومواثيق الأمم المتحدة، والاتحاد الافريقي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي.

 

ونحن نود في هذا الإطار التأكيد على:

 

– إدانتنا القوية لحرب الإبادة الجماعية التي تمارسها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني الأعزل في خرق سافر للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني. ونحن نطالب بوقفها الفوري ونعلن تمسكنا بحق الشعب الفلسطيني في الكرامة والسيادة في إطار دولة مستقلة عاصمتها القدس الشرقية طبقا لمبادرة السلام العربية والقرارات الدولية ذات الصلة؛

 

– استنكارنا وإدانتنا لما يجري حاليا من اعتداءات إسرائيلية على لبنان، ومطالبتنا بوقفها الفوري؛

 

– دعوتنا إلى إيجاد حل يصون وحدة وسيادة دولة ليبيا الشقيقة، وإصرارنا على تعزيز الجهود الإفريقية ودعم الجهود الدولية في هذا الصدد؛

 

– دعمنا لأمن واستقرار السودان الشقيق وسيادة وسلامة أراضيه، ودعوتنا إلى تغليب لغة الحوار والعقل لحل المشاكل المطروحة، بما يفضي لوقف فوري للحرب وينهي المعاناة الإنسانية للشعب السوداني الشقيق ويضمن احترام القانون الدولي الإنساني؛

 

– حرصنا على السعي الجاد للوصول إلى حل سياسي يصون وحدة الجمهورية العربية السورية الشقيقة واستقلالها وكرامة شعبها وحقه في العيش في أمن وسلام؛

 

– دعمنا للشرعية في اليمن الشقيق ودعوتنا إلى انتهاج سبل الحل السلمي وفقا للمبادرات العربية والقرارات الدولية ذات الصلة؛

 

– موقفنا الثابت من النزاع في الصحراء الغربية، ودعمنا لجهود الأمم المتحدة، ولكل قرارات مجلس الأمن ذات الصلة الرامية إلى إيجاد حل مستدام ومقبول لدى الجميع؛

 

– قلقنا من استمرار الحرب الروسية الأوكرانية، ومطالبتنا بحل ينهي الحرب ويراعي انشغالات الطرفين وفقا للقانون الدولي وميثاق الأمم المتحدة ويجنب المنطقة والعالم مزيدا من المآسي والدمار.

 

أصحاب الجلالة والفخامة والسمو؛

 

أيها السادة والسيدات؛

 

لقد كشفت قمة المستقبل التي اختتمت بالأمس، عمق إدراكنا جميعا، لحجم مسؤوليتنا الجماعية اتجاه مستقبلنا المشترك، كما أكدت، بحكم ما اعتمد خلالها من خطط وإجراءات، أنه لا يزال بمقدورنا أن نجعل من هذا المستقبل مستقبل أمن وسلام وازدهار وتنمية مستديمة شاملة، لا تستثني شعبا ولا بلدا.

 

فلنعزز إذن الثقة فيما بيننا، ولنكثف من تعاوننا المتعدد الأطراف، ولنسرع في إصلاح قواعد حكامتنا الدولية، السياسية والمالية، بنحو يجعلها أكثر عدلا وتوازنا وإنصافا، وسنتمكن حينها إن شاء الله، من انتشال كوكبنا من الضياع ومن تأمين مستقبل زاهر لأجيالنا الحالية والمقبلة.

 

أشكركم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".