قبل نحو أسبوعين، فقدت موريتانيا أحد رجالات الرعيل الأول البارزين، محمد لمين ولد لمام، الذي كان له دور محوري في تأسيس الدولة وتطويرها.
وُلد الراحل سنة 1938م في أكجوجت، ونشأ في بيئة علمية محافظة، حيث برزت علامات نبوغه منذ صغره، فواصل دراسته ليصبح بذلك واحدًا من أذكى المهندسين في البلاد، مما مهد له الطريق لتقلد مناصب قيادية سامية خلال مسيرته المهنية.
لقد تقلد ولد لمام عدة وظائف مهمة خلال مسيرته الحافلة بالعطاء، فقد شغل من سنة 1974 إلى 1980، منصب الأمين العام لشركة S.N.I.M (الشركة الوطنية للصناعة والتعدين)، حيث كان مسؤولًا عن إدارة عمليات مناجم الحديد والنحاس، وهو ما ساهم في تعزيز قطاع التعدين في البلاد بسكل كبير، ثم انتقل إلى مجموعة CETRA-فوريم، حيث شغل منصب المدير العام المسؤول عن الدراسات والإنجازات من 1980 حتى 1999.
تتجلى المسيرة المهنية للمهندس ولد لمام في مجال الهندسة والتخطيط الحضري في مراحل بدأت بتحصيل دبلوم المساح الخبير في عام 1960، بعد ذلك واصل دراسته في الدورات الإعدادية العليا للمدارس الكبرى في باريس (1960-1962)، ثم انتقل إلى المدرسة الوطنية للعلوم الجغرافية ومدرسة الأشغال العامة في باريس (1962-1966).
بعد إنهاء دراسته، شغل منصب رئيس دائرة الأشغال العمومية في نواكشوط (1966-1967)، حيث تولى مسؤوليات تتعلق بصيانة المسارات وإنشاء الطرق، بالإضافة إلى التخطيط الحضري - السيطرة على مخطط نواكشوط الحضري.
ولم تقف مسيرته المهنية عند هذا الحد فقد تطورت ليصبح مدير الخدمات الفنية بوزارة التجهيز (1967-1970)، حيث أدار عدة خدمات تشمل الطرق والمطارات والموانئ، فضلاً عن التخطيط العمراني وإدارة الإسكان، ومجالات أخرى هي:
• خدمة الطرق والمطارات.
• خدمة الموانئ البحرية والنهرية والممرات المائية ووضع العلامات عليها.
• خدمة البناء .
• إدارة الإسكان وتخطيط المدن.
• خدمة الهيدروليكا.
• خدمة الطبوغرافيا ورسم الخرائط.
• قسم الهيدرولوجيا.
• السيطرة على شركة المعدات (S.E.M.).
وفي أبريل 1970، تولى منصب مدير الهيدروليكا والطاقة حتى أبريل 1974، حيث أشرف على خدمات المياه الجوفية والمسوحات، بالإضافة إلى إدارة شركة الماء والكهرباء.
تجسد هذه الخبرات التزامه بتطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات العامة في البلاد.
خلال هذه الفترة، كان له دور بارز في تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى التي ساهمت في تطوير البنية التحتية لموريتانيا، فقد أشرف على عدد من المشاريع الحيوية، التي كان لها تأثير كبير على التنمية الوطنية.
من بين المشاريع الكبرى التي أشرف الفقيد المهندس عليها ، ميناء الصيد في نواذيبو الذي تم تجهيزه بمنشآت تبريد متطورة، وكذلك الطرق الرئيسية مثل طريق نواكشوط - روصو، وطريق نواكشوط - أكجوجت، كما كان له دور في تطوير مطارات نواكشوط ونواذيبو وكيهيدي، مما ساعد في تحسين شبكة النقل في البلاد، إلى غير ذلك من الإسهامات في عدد من المشاريع.
يمثل المرحوم محمد لمين ولد لمام رمزًا للالتزام والتميز في خدمة الوطن، فقد كانت مسيرته مليئة بالنجاحات والإسهامات التي ساهمت في بناء الدولة الموريتانية الحديثة، كما ستظل نزاهته واستقامته محفورة في تاريخ البلاد تتناقلها الأجيال جيلا بعد جيل، وستبقى ذكراه حية في قلوب من عرفوه ومن تأثروا باستقامته وفضله.