(أركان الإسلام بين الاختزال والاستغفال) للمفكر علي الشرفاء الحمادي/ بقلم الفقيه نوح عيسي

خميس, 11/21/2024 - 08:29

 

أركان الإسلام بين الاختزال والاستغفال، 

جاء هذا في مقدمة تعليق الفقيه نوح عيسى، من موريتانيا على مقال للمفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي، بعنوان (أركان الإسلام بين الاختزال والاستغفال)، وأضاف: اختلف المفهوم بين المقاصد والوسائل، فالمقصد هو ما يراد لذاته، وهي الأركان الحق للإسلام، والوسيلة هي ما يراد لغيره وهي الأركان المعروفة كالصلاة والصيام والحج، ولا تُراد لذاتها إنما لمعنى آخر وهو التقرب إلى الله ومراقبته واستشعار عظمة الله وأنه أقرب إليك من قلبك وأقرب إليك من حبل الوريد.

واستشهد بقوله تعالى: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) (غافر: 19)

وقوله جل وعلا: (مَا يَكُونُ مِن نَّجْوَىٰ ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَىٰ مِن ذَٰلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ۖ ثُمَّ يُنَبِّئُهُم بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ) (المجادلة: 7)

وقوله: (يَا بُنَيَّ إِنَّهَا إِن تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِّنْ خَرْدَلٍ فَتَكُن فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ) (لقمان: 16).

وقال: إن الصلاة هي الصلة بين العبد وربه فلابد أن تنهاه عن الفحشاء والمنكر، قال تعالى: (وَأَقِمِ الصَّلَاةَ ۖ إِنَّ الصَّلَاةَ تَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ ۗ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ۗ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ) (العنكبوت: 45).

نجد أن الكثير من المسلمين يصلون ولكن صلاتهم لا تنهاهم عن منكر ولا تأمرهم بمعروف ولا تقربهم إلى الله كما قال تعالى: (كَلَّا لَا تُطِعْهُ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِب) (العلق: 19).

الصلاة نستشعر بها عظمة الله تعالى

لأنه كلما سجد الإنسان لله اقترب منه، ولذلك الصلاة التي تنفع صاحبها هي تلك الصلاة التي يستشعر بها عظمة الله وقربه وأن الله عز وجل الكبير العظيم يرى مكانه ويسمع كلامه: (الَّذِي يَرَاكَ حِينَ تَقُومُ (218) وَتَقَلُّبَكَ فِي السَّاجِدِينَ (219)) (الشعراء).

وقال تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَخْفَىٰ عَلَيْهِ شَيْءٌ فِي الْأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ) (آل عمران: 5).

الصلاة وسيلة وليست غاية

وأكد أن الإنسان عليه أن يصلي وتكون صلاته وسيلة وليست غاية، وسيلة للتقرب إلى الله عز وجل والأنس به، ولذلك (إن في الصلاة لشغلا)، وهو القرب من الله واستشعار أنك تؤدي هذه الفريضة وأنك بين يدي ملك السموات والأرض وخالقها الذي خلقك وجعلك تتكلم بعونه، فتستشعر أنك قريب من الله فتتبع كل ما جاءك به ربك وتنهاك صلاتك عن الفحشاء والمنكر والكذب وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، فتكون داخل الصلاة تستشعر أنك تعاهد الله عز وجل وأنت في صلاتك على ألا تكذب ولا تسرق ولا تزني وألا تأتي بالغيبة والنميمة وألا تأكل مال اليتيم وتعاهده ألا تنقض عهده.

تجديد العهد مع الله تعالى

وأشار إلى أن الصلاة صلة بينك وبين الله عز وجل تعترف فيها بذنوبك: (أبوء بنعمتك علي وأبوء بذنبي)، فتعترف بهذا الذنب الذي اقترفت يداك وزينه لك الشيطان؛ فيستشعر الإنسان وهو يصلي تلك الذنوب الكثيرة فيقول: (أنا أعاني من الكثير من الذنوب، أعاني من الكذب، من الغش في معاملاتي وفي حياتي، فبعد هذه الصلاة سأترك الغش). فيأتي بلائحة من الذنوب يضعها أمامه وينوي التخلص منها واحدة تلو الأخرى، ويكون ذلك تجديدًا للعهد مع الله ألا تقترف شيئًا من هذه المحرمات التي حرمها الله عليك في كتابه العزيز، فتصير بذلك الصلاة مقبولة عند الله تعالى.

كيف تكون الصلاة ركنًا من أركان الإسلام؟

وأضاف «عيسى»: يكون صاحب هذه الصلاة بقربه من الله عز وجل يستفيد ويجني منها الاستقامة في الحياة الدنيا فلابد أن تكون حياتك بعد الصلاة كحياتك داخل الصلاة ، فلابد أن يظهر أثر التغير عليك بعد انتهائك من الصلاة.

وإذا كنت تصلي ثم بعدها ترتكب الغيبة أو النميمة أو تقطع الرحم أو تسئ الجوار وتأكل مال اليتيم أو توقع على ما فيه ضرر للناس وحقوقهم، فإن صلاتك بذلك فقدت ركنا من الأركان الحق للإسلام، هو ركن المراقبة أو المشاهدة فإما أن تستشعر أنك ترى الله وأن الله يراك، فالأولى هي المشاهدة والثانية هي المراقبة.

ولذلك هذه الصلاة ينبغي أن نجدد فيها العهد مع الله، فبعد الصلاة يراقب الإنسان نفسه وهل امثلت لأوامر الله أم لا، فإذا لم تمتثل فعليه أن يراقبها ويراجعها.