يعد المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي من أبرز المفكرين الذين ناقشوا قضايا المرأة في العالم العربي والإسلامي، حيث سعى، من خلال طرحه في كتبه وكتاباته، إلى تقديم فهم عميق لدور المرأة في المجتمع، موضحًا كيف أن الإسلام في جوهره يكرم المرأة ويعطيها مكانة رفيعة، إذ يرى أن الكثير من الممارسات الثقافية التي تحد من حقوق المرأة في المجتمعات الإسلامية هي ممارسات بعيدة كل البعد عن تعاليم الإسلام الحقيقية.
يؤكد المفكر أن الإسلام جاء ليحرر المرأة ويمنحها حقوقها الكاملة في شتى المجالات: من التعليم والعمل والمشاركة السياسية والاجتماعية، موضحا أن النصوص القرآنية والسنة النبوية الشريفة تدعو إلى احترام المرأة وتقديرها كمساوية للرجل في الإنسانية، إذ يقول الله تعالى في القرآن الكريم: "وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إمْلاَقٍ" الآية (31) سورة الإسراء، وهو ما يشير إلى تقدير الحياة الإنسانية للمرأة كالرجل.
ينادي الشرفاء الحمادي بالتحرر من الأنماط التقليدية التي تفرض على المرأة قيودًا قد تكون مستمدة من التقاليد والعادات أكثر من كونها مستندة إلى الدين، فهو يرى أن المرأة يجب أن تتمتع بالحريات الفردية التي تكفل لها حق التعبير عن رأيها واتخاذ قراراتها الخاصة، سواء في الحياة الشخصية أو المهنية.
في هذا السياق، يدعو إلى إلغاء كل الممارسات التي تقيد المرأة في حقوقها في مختلف المجالات مثل التعليم والعمل، مشددًا على أهمية تغيير المفاهيم المجتمعية التي تحول دون مشاركة المرأة الفاعلة في بناء المجتمعات.
أحد المحاور التي يركز عليها الشرفاء الحمادي هو الدور التنموي الذي يمكن أن تلعبه المرأة في المجتمعات العربية فهو يرى أن تمكين المرأة ليس فقط حقًا من حقوقها، بل هو ضرورة اقتصادية واجتماعية تساهم بشكل كبير في تحقيق التنمية المستدامة، فعندما تشارك المرأة بفعالية في مختلف مجالات الحياة، من السياسة إلى الاقتصاد، فإن المجتمعات تكون أكثر تطورًا وازدهارًا. وقد ذكر في كتاباته أن تمكين المرأة في العالم العربي لا يمكن أن يتم دون إصلاحات جذرية تضمن لها حقوقها الكاملة.
يعتبرعلي محمد الشرفاء الحمادي أن المساواة بين الرجل والمرأة ليست فقط في الحقوق، بل في الواجبات أيضًا، آخذا ذلك من الوحي المنزل الذي لايأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه، (هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ ) (البقرة: 187). وقوله: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ )(البقرة: 228)، كما يشدد على أن هناك ضرورة لإعادة النظر في القوانين والأنظمة التي تميز ضد المرأة في بعض البلدان العربية، وفي هذا الإطار، يدعو إلى التمسك بالهدي الرباني والنبوي وفهمه ليتماشى مع روح العصر ويعكس المبادئ الأساسية للعدالة والمساواة التي جاء بها الإسلام.
إن المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، ومن خلال رؤبته العميقة للمرأة في الإسلام، يمثل نموذجًا فريدًا في الفكر العربي الإسلامي المعاصر فيما يتعلق بحقوق المرأة، فقد تميز برؤيته العلمية الربانية المنفتحة والمستنيرة بالوحي في إدراك معاني نصوصه، جاعلا بذلك المرأة في قلب التغيير الاجتماعي والاقتصادي، داعيًا إلى إعادة فهم دورها وفقًا للمبادئ الإسلام الصحيحة، ومنطلقا من أن مبدأ تحريرها وتمكينها ليس خيارًا بل ضرورة من أجل تحقيق مجتمع إسلامي متوازن ومتقدم.