
عندما تنساب أنامل العازف على أوتار التيدنيت، يصعد من أعماقها لحن أشبه بالبكاء، يلامس شغاف القلوب ويأخذ المستمعين في رحلة إلى عوالم من الحنين والشجن ..
صوت التيدنيت ليس مجرد موسيقى؛ إنه حكاية تُروى بلغة لا يفهمها إلا من تذوق مرارة الغياب أو عاش لحظات انتظار أضناها الصبر !
هكذا رسمت أنامل شيخ الطلاگــه فريد زمانه عمر ابيلي هذا العزف الفريد، حين بكى واستبكى التيدنيت علّها تترجم ما يجد من وجد وحنين، مُتناسيًا لوهلة واجب المهمة وسريتها.
بكاء التيدنيت مرحلّة مُتقدمة من التَمكُن واستنطاق هذه الآلة الصماء، لا يستطيعُه سوى الراسخون فيِ علومِ هذه الصنعة، والمتبحرين فيِ هذا الفن الساحر الساخر من جمود الحياة ..
بكاء التيدنيت يأتي وكأنه أنين الصحراء حين تبوح بأسرارها، حين تتحدث عن ليالٍ طويلة، وأحلامٍ أكلها الرمل والريح. كل نغمة تبدو كهمسة تخرج من قلب مكلوم، فتُعيد إلى الأذهان قصص العشاق الذين فرقهم القدر، وأشعار الشعراء الذين بحت أصواتهم وهم ينشدون للحب والحرية.
في تلك اللحظة التي تبدأ فيها التيدنيت بالبكاء، يتوقف الزمن. يتحول العازف إلى مترجم لآلام البشرية، ويحمل صوته رسالة عميقة لكل من يستمع: أن الشوق والفرح والحزن كلها ألوان للحياة، وأن الموسيقى هي اللغة الوحيدة القادرة على جمع هذه المشاعر في لحن واحد .. إن بكاء التيدنيت ليس مجرد عزف، بل هو صوت الروح، صدى الصحراء، وحكاية الإنسان مع الأرض والحياة.
بقلم المدون صدفه الطلبه .