بِنْدَا… حِينَ يَكُونُ الغِيَابُ أَقْسَى مِنَ الكَلِمَاتِ.

أحد, 04/20/2025 - 16:49

 

بندا… تلك المعلمة الهادئة، التي جاءت من بعيد، حاملةً دفاترها وقلبها، تاركةً أهلها ودفء موطنها، لتكون في زاوية منسية من خريطة الوطن، تكتب الحرف على السبورة كمن ينقش الأمل على جدار من الغياب.

فجر هذا اليوم، سقط عليها هي وزوجها سقف ، ذاك المأوى المؤقت الذي احتضن غربتها، وهما نائمان… غادرا الحياة معًا، كما عاشاها سويًا: في الغربة، وفي الصبر، وفي الحلم بأن غدًا سيكون أفضل. نجا أطفالهما بأعجوبة، لكنهم استيقظوا على يتمٍ مبكر، وصمتٍ لا تملؤه الأيام.

بندا لم تكن تشتكي… كانت غريبة في المكان، لكنها قريبة من قلوب زملائها . لم تكن تملك شيئًا سوى مهنة اختارتها عن قناعة، ورسالة أخلصت لها حتى النهاية. جدران بيتها البسيط خانتها، لكن رسالتها لم تخنها، بقيت تؤديها في صمتٍ حتى اللحظة الأخيرة.

زملاؤها اليوم لا يجدون الكلمات، وأهلها البعيدون سيصعقهم الخبر كطعنة لا تفسير لها. من عرفها شعر أنه فقد شيئًا ثمينًا، ومن لم يعرفها شعر أن هذه البلاد قاسية حين تترك أمثال بندا يرحلون بصمت.

سلامٌ عليكِ يا بندا… كنتِ صامتة في عطائك، عميقة في حضورك، نبيلة في رحيلك. سيذكرك من حولك بالبساطة التي كنتِها، وبالصدق الذي سكن خطواتك. ستبكيك أمٌ لم تستطع أن تحتضنك للمرة الأخيرة، وسيبكي زوجك الذي سبقك أو سبقتِه بخطوة واحدة نحو الرحيل، وسيرثيكم كل من عرف أن الرسالة يمكن أن تُكتب بالدمع أحيانًا.
رحم الله الزميلة : بندا  انيانغ  وزوجها واسكنهما فسيح جناته .
 

إنا لله وإنا إليه راجعون