
يواصل المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي مشروعه التنويري الكبير الذي يسعى إلى إعادة الإسلام إلى منبعه النقي القرآن الكريم، بوصفه المصدر الوحيد للتشريع الإسلامي.
ومع إصداره الجديد كتاب «وثيقة الدخول في الإسلام»، الصادر عن مؤسسة «رسالة السلام» للأبحاث والتنوير، يُثبّت الشرفاء دعائم مشروعه الفكري الذي بدأه منذ سنوات، ويكشف فيه بوضوح شجاعة فكرية نادرة، وإيمانًا لا يتزعزع بأن الإسلام دين الحرية والرحمة والعدالة وليس أداة تسلط أو قمع.
يُفكك المفكر الشرفاء في هذا الكتاب التصور السائد بأن الإسلام يُعتنق بمجرد نطق الشهادة، ويصف هذا الفهم بـ"الساذج"، ويقارن بينه وبين التفكير السحري الذي يظن أن الكلمة تُنتج الفعل بذاتها، كما يرى أن هذا الاعتقاد أفرغ الإسلام من معناه العميق، وأبقى على شكله دون جوهره.
يوضح المفكر الشرفاء بأسلوب علمي رائع أن الدخول في الإسلام لا يتم إلا بالمعرفة الصادقة لجوهر هذا الدين، وبالالتزام بأخلاقياته وتعاليمه العليا كما وردت في القرآن الكريم، لا في روايات موضوعة أو محرّفة.
من أبرز ما تُؤكده "وثيقة الدخول في الإسلام" هو أن الإسلام لا يفرض نفسه على أحد، بل يقر بحرية الإنسان في الاعتقاد، انطلاقًا من قوله تعالى: {لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}، وقوله {فَمَن شَاءَ فَلْيُؤْمِنْ وَمَن شَاءَ فَلْيَكْفُرْ}. بهذا المعنى، ينقض الشرفاء كل خطاب يدعو إلى إجبار الناس على الإسلام، أو يكفّرهم لأنهم اختاروا طريقًا آخر.
يؤكد الشرفاء أن الجهاد الحقيقي ليس في قتال الآخرين لإكراههم، بل هو في قتال النفس، ومجابهة أهوائها، والانتصار لقيم الخير والسلام.
إن ما يقوم به المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي ليس مجرد كتابة فكرية، بل هو عمل نبيل وجليل ورسالة إصلاح شاملة تحرر العقل المسلم من أغلال التاريخ، وتدعوه إلى التجدد والانفتاح، والعودة إلى جوهر الإسلام كدين سلام ورحمة وكرامة للإنسان.
عبد الرحمن نوح كاتب