
نادرا ما نجد لحظات تحمل من الصدق والعفوية ما يُلهب المشاعر ويوقظ فينا الإحساس العميق بالانتماء، إلا أن لحظة فوز الدكتور سيدي ولد التاه بمنصب المدير العام للبنك الإفريقي للتنمية، لم تكن مجرد تتويج لمسيرة مهنية حافلة، بل كانت لحظة انتصار للوطن بكل ما يحمله من آمال وتحديات.
من بين مشاهد التهاني الرسمية ورسائل التبريكات، خطف مشهد واحد الأنظار والقلوب، إنه عناق مديرة وكالة ترقية الاستثمار، عيستا لام للدكتور سيدي ولد التاه، وقد اغْرورقت عيناها بالدموع، فلم يكن العناق مجاملة بروتوكولية، ولم تكن الدموع دموع ضعف، بل كانت دموع وطن، دموع امرأة موريتانية وطنية رأت في هذا الفوز ترجمة لحلم مشترك، وامتدادًا لنضال أمة تسعى لتأكيد حضورها في محافل القرار الإفريقي والدولي.
ما رأيناه لم يكن فقط مشهدًا إنسانيًا مؤثرًا، بل تعبيرًا عميقًا عن العفوية الحقيقية والانتماء الوطني الصادق، الذي يتجاوز الحسابات الضيقة والانتماءات الهامشية.
ففي عناق عيساتا، كانت الرسالة واضحة، نحن هنا، كأبناء وطن واحد، نختلف في الأصول واللهجات والمناطق، لكننا نلتقي تحت راية واحدة، ونفرح معًا حين ينجح أحدنا، ونفخر به لأنه يمثلنا جميعًا.
إن هذا المشهد الرمزي يؤكد أن الانتصارات الوطنية لا تُقاس فقط بالمناصب، بل بقدرتنا على الالتفاف حولها والتفاعل معها وجعلها مصدر إلهام لأجيال قادمة، كما أنه يضع على عاتق الدكتور سيدي ولد التاه مسؤولية مضاعفة أن يكون على قدر ثقة وطنٍ وقارة بأكملها، وأن يظل سفيرًا لقيم التميز والعدالة والتنمية والازدهار.