
كان قد عهد إلى معاونيه قبل أيام من تلبيته لنداء خليل الرحمن (وأذن في الناس بالحج) بالعمل على تجهيز ملف المتعاونين عامة وأهل الإعلام ومتعاوني شركة الكهرباء خاصة؛ وفور عودته من مناسك الحج أصدر قرارا بترسيمهم؛ في خطوة قد لا تثير اهتمام غير المعنيين ومن يعيلون أسرا باتت عقودا على الطوى؛ ومن المؤكد أنها ستمر مر الكرام على عرف أو تعرف على الأسلوب الغزواني في الحكم.
فليست الخطوة هي الأولى فقبلها بثلاث حجج خلون تمت تسوية ملف "الحمالة" بذات الطريقة التي تم بها إنصاف غيرهم فرادى وجماعات من الذين طالتهم عنجهية العقود الماضية وميزاجية السنوات الخالية.
لكن خصوصية قرار ترسيم عمال الإعلام الرسمي تكمن في كونه ملفا كان عصيا على مجرد التفكير في حله جذريا لعدة أسباب، أولها تبعيتهم لمؤسسات غير ربحية بل وكثيرا ما ترزح تحت سقف العجز المالي، وثانيها صعوبة حصر أعداد المعنيين وكثرتهم بالإضافة لحساسية التعاطي مع ملفهم بمعيارية قد تقصي بعضهم فيضرب عرض الحائط بالمهنية والموضوعية ليدشن حملة مضادة؛ ومع كل هذه المحاذير كانت الإرادة أقوى من كل معوق والعزيمة أقطع من أي حسابات جانبية ليخرج القرار مصداقا لتعهد قطعه صادقٌ على نفسه فجاء الفعل مصدقا للقول دون مَنٍّ.
دائما ما أقول أن الحكام ضربان، أحدهما يستثمر في البناء، والآخر يستثمر في الإنسان؛ وقد حبى الله بلادنا بأن منّ عليها برئيس مزدوج الإهتمامات، يستثمر في الإنسان بقدر ما يركز على الاستثمار في البناء، ويستثمر في البناء؛ بقدر ما يترك أولويته للإنسان.
طبعا قد لا تلاقي الخطوة استحسان البعض؛ فطموحهم لموريتانيا مختلف، وأي خطوة من هذا النوع تجعل حججهم داحضة، وأي رئيس يأخذ المبادرة قبل وقوف طوابير المطالبين في الساحات، يسحب من تحت أرجلهم بساطا حريريا طالما اتخذوه "مَرْجَعا" للرقص على أناة المتوجعين من استمرار معاناة الغبن والتهميش.
أحمد محمد الدوه
إعلامي؛ مهتم بالشأن السياسي