
تعد الشهادتان، "أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا رسول الله"، جوهر الإسلام وقلبه النابض، فهي ليست مجرد كلمات تردد على الألسنة، بل هي ميثاق واعتراف علمي وعملي يربط المسلم بخالقه ورسوله، ومن هذا المنطلق، يضيء المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي، عمق هذا المفهوم، مستعرضا رؤية عميقة تعد دعوة للتأمل والوعي الحقيقي بالإيمان. لقد قرب المفكر الشرفاء الحمادي مفهوم النطق بالشهادتين إلى الأذهان والعقول بأسلوب رباني قرءاني عظيم، مبينا أن الشهادة الحقة تتطلب معرفة كاملة بيقين الله وصفاته، وبالرسالة المحمدية وما تتضمنه من تشريعات ومقاصد روحية وأخلاقية، وهو بذلك يذكرنا أن الإيمان لا يمكن أن يكون عاطفة مؤقتة أو مجرد تعبير لفظي، بل هو معرفة وعمل، اتباع والتزام بمنهج الله الذي عرف نفسه سبحانه وتعالى بقوله: ﴿هُوَ اللَّهُ الَّذِي لَا إِلَٰهَ إِلَّا هُوَّعَٰلِمُ الْغَيْبِ وَٱلشَّهَٰدَةِ هُوَ الرَّحْمَٰنُ الرَّحِيمُ﴾ (الحشر: 22)، قُلْ إِنَّمَآ أَنَا۠ بَشَرٌۭ مِّثْلُكُمْ يُوحَىٰٓ إِلَىَّ أَنَّمَا إِلَـٰهُكُمْ إِلَـٰهٌ وَٰحِدٌ﴾ (الكهف: 110)، هاتان الآيتان توضح أن الله واحد لا شريك له، وأن النبي محمد صلى الله عليه وسلم بشر، مُرسل ليبلغ رسالة التوحيد بصدق وأمانة. في طرحه المنهجي الرباني وأسلوبه العلمي الناصع، يرفض الشرفاء جعل الإسلام مجرد شعائر شكلية، أو حصره في عدد من العبادات بدون فهمها وجوهرها، فهو يبرز أن الشهادة بلا معرفة والتزام ليست شهادة حقيقية، بل قد تكون بداية للغربة والضياع الروحي، والذهاب في تيهِ الجهل والتحريض والقتل، لأن الإسلام مشروع حضاري كامل يعنى بسعادة الإنسان ورفاهيته في الدنيا والآخرة. وقد أكد القرآن على أهمية الاتباع في تأكيد صدق المحبة والإيمان بقوله تعالى: ﴿قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَٱتَّبِعُونِى يُحۡبِبۡكُمُ اللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَاللَّهُ غَفُورُُ رَّحِيمُُ ﴾ ﴿قُلۡ أَطِيعُواْ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الۡكَٰفِرِينَ﴾ (آل عمران: 31-32). كما يلفت الحمادي إلى خطر الاختزال الذي وقع فيه كثيرون حين حصروا الإسلام في الشعائر والطقوس فقط، متناسين جوهره وهدفه، وهو ما أدى إلى غياب الفهم الحقيقي وابتعاد كثير من المسلمين عن مقاصد الرسالة، وهذا ما تحذّر منه الآيات التي توضح أن من يتبع هدى الله لن يضل ولا يشقى: ﴿فَمَنِ ٱتَّبَعَ هُدَاىَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَىٰ وَمَن أَعْرَضَ عَن ذِكْرِى فَإِنَّ لَهُۥ مَعِيشَةًۭ ضَنكًا﴾ (طه: 123-124). إن المفكر علي الشرفاءالحمادي يدعو كل من يرغب في الدخول في الإسلام إلى أن يتعلم ويتعرف على تعاليم الإسلام الحقة قبل أن ينطق بالشهادتين، حتى يكون إيمانه نابعا من معرفة ويقين والتزام حقيقي، لا مجرد لفظ، وهذا يرفع من قيمة الإسلام كدين شامل للحياة، يحمل الإنسان نحو السلام الداخلي والرضا. تمثل رؤية المفكر علي محمد الشرفاء الحمادي دعوة علمية وفهما عميقا للتجديد والوعي الديني، حيث تذكر بأن الإيمان هو معرفة وعمل، وأن الإسلام منهج حياة يتطلب فهما عميقا والتزاما صادقا، يمكن من الثبات على الطريق الحقيقي نحو السعادة في الدنيا والآخرة.