
في زمن تكثر فيه الحواجز بين الحاكم والمحكوم، وتتشكل فيه المسافات الرمزية قبل أن تكون جسدية، يطل علينا رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني كنموذج فريد في التواضع والبساطة، لا يفتعلها أمام عدسات الكاميرات، بل يعيشها بصدق في حياته اليومية، كما شهدت بذلك مواقف كثيرة، كان آخرها لقطة التُقطت له أثناء عطلته في البادية، وهو يصافح سيدة من أهل البادية، هي أخته من الرضاعة، في مشهد إنساني صادق، لا يُحتاج فيه إلى تعليق.
ليست المصافحة في حد ذاتها هي ما لفت الانتباه، بل ما تحمله من دلالات عميقة: رئيس في أعلى هرم السلطة، يترك البروتوكول خلفه، ويتعامل مع الناس بعفوية وتقدير نادرين.
أن يخصّص الرئيس وقتًا من راحته للقاء أقربائه وأحبّائه من مختلف الشرائح، هو في حد ذاته رسالة، وأن يظهر وهو يصافح أختًا له من الرضاعة تنتمي إلى شريحة لحراطين، فذلك تأكيد على أن القيم الإنسانية وروح الأخوة والعدالة الاجتماعية، هي ما يوجه بوصلته في الحكم.
في هذا المشهد، تتجلى روح الدولة التي يريدها رئيس الجمهورية: دولة لا تميز بين أبنائها، ولا تقيس مكانة الإنسان بلونه أو طبقته أو نسبه، بل ترفع من شأن كل مواطن يحترم نفسه ويؤمن بوحدة وطنه.
لقد حرص الرئيس منذ توليه السلطة على ترسيخ ثقافة الإنصاف الاجتماعي، وتكريس مفاهيم المواطنة، وقد تجسد ذلك في العديد من المبادرات والمواقف، لكن ما يجعل صورته هذه أكثر صدقًا وتأثيرًا، هو أنها لم تكن لحظة استعراض، بل لقطة عفوية ترجم فيها الرئيس مبادئه على أرض الواقع.
إن مثل هذه المواقف البسيطة في ظاهرها، العميقة في معناها، هي ما يصنع الثقة بين القائد وشعبه، ويعزز الإيمان بأن هذا الوطن يسع الجميع، وأن القيادة الحقيقية لا تحتاج إلى تكلف أو تظاهر، بل إلى قلب كبير، وعقل منفتح، وروح متواضعة.