الشيخ أحمد ولد الزحاف.. حين تتجلى المهنية والكفاءة ويقل الضجيج / نوح محمد محمود

ثلاثاء, 08/19/2025 - 14:35

 

في ظل موجة الانتقادات غير الموضوعية التي وُجّهت مؤخرًا، ممن لايدركون جواهر الحقائق، لرئيس الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، الدكتور الشيخ أحمد ولد الزحاف، على خلفية زيارته للسجن المركزي في نواذيبو، برزت الحاجة إلى تذكير الرأي العام بشخصية هذا الرجل، ومسيرته، والأسلوب المتزن الذي اختاره لممارسة واحدة من أصعب المهام والأهداف الوطنية، وهي الوقوف في وجه التعذيب، والدفاع عن كرامة الإنسان، بعيدًا عن الأضواء والصخب والضجيج.
ليس الشيخ أحمد ولد الزحاف غريبًا على العمل العام، ولا وافدًا طارئًا على المؤسسات ولا على الميادين العلمية والحقوقية، فقد تدرّج في مناصب رفيعة، من الحقيبة الوزارية إلى إدارة كبرى الشركات الوطنية إلى العمل الدبلوماسي ممثلًا لموريتانيا في جنيف، إلى جانب دوره كمستشار في رئاسة الحكومة.
هذا المسار لم يصنع فقط كفاءة إدارية فقط، بل كوَّن رؤية متماسكة تجمع بين الانضباط المؤسسي والإيمان بقيم العدالة والكرامة.
منذ توليه رئاسة الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب، اختار ولد الزحاف طريق النزول إلى الميدان، ومواجهة الواقع بتجرد ومسؤولية، فلم تكن زياراته للسجون وأماكن الاحتجاز استعراضية، بل زيارات رقابية جدية وموثقة، تمخضت عنها تقارير وتوصيات ولقاءات مع نزلاء من مختلف الخلفيات. 
إن زيارة سجن نواذيبو لم تكن استثناءً، بل جزءًا من هذا العمل، وما أُثير حولها من محاولات التشكيك أو التسييس من جهات غابت عنها الحقيقة، لم يكن إلا ثباتا وقوة لولد الزحاف الذي ظل منارة فوق كل الشبه.
في زمن يميل فيه كثيرون إلى المواقف الشعبوية، يبقى الشيخ أحمد ولد الزحاف نموذجًا نادرًا للمسؤول الهادئ، الذي لا يرد على الضجيج بالضجيج، بل يمضي في أداء واجبه المهني والإنساني، بإيمان داخلي، وثقة بأن الحقيقة لا تحتاج إلى صراخ.
نحن اليوم، أكثر من أي وقت مضى، بحاجة إلى مثل هذه الشخصية، ممن يحملون عبء المؤسسات، ويواجهون الملفات الصعبة بحكمة وهدوء، دون أن ينجروا إلى الاستفزاز أو ردود الفعل العابرة.