من هم المسلمون.. / المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

جمعة, 08/22/2025 - 12:17

لقد وضع اللّٰه سبحانه في القرآن الكريم صفات المسلمين في قوله سبحانه : (يَا عِبَادِ لَا خَوْفٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ وَلَا أَنتُمْ تَحْزَنُونَ، الَّذِينَ آمَنُوا بِآيَاتِنَا وَكَانُوا مُسْلِمِينَ) (الزخرف: 68-69).

فاليوم يقف المسلمون بين منعطف طريق، عليهم أن يختاروا أن يكونوا مسلمين بأن يؤمنوا بالآيات القرآنية أو يعرضوا عنها ويكونوا من الكافرين فقد ترك اللّٰه للناس حرية الاختيار إما أن يكونوا مسلمين ويؤمنوا بآيات اللّٰه، أو لا يؤمنون بها فقد اختاروا طريق الكافرين وعلى الإنسان أن يتحمل مسؤولية قراره المستقل دون إكراه أو تهديد حيث تؤكد الآية التالية قول اللّٰه سبحانه بأهمية الإيمان بالآيات القرآنية:

(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَٰذَا قَالُوا بَلَىٰ وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) (الزمر: 71).

ما يعني الذين أُدخلوا النار هم الذين كفروا بالآيات القرآنية تأكيدًا للآية السابقة التي تحدد بوضوح لا يكون الإنسان مسلمًا ما لم يؤمن بكتاب اللّٰه وآياته، إضافة إلى ما سبق في الآية الثانية التي تبين للناس جزاء الذين لم يؤمنوا بآيات اللّٰه أصبحوا كافرين وسيقوا إلى جهنم حيث يواجهون كلمة العذاب على الكافرين، ولذلك فليحذر الناس من الذين خدعوهم من الفقهاء والمفتين بأن لا يدخل الإنسان في دين الإسلام إلا بشهادة أن لا إله إلا اللّٰه وأن محمدًا رسول اللّٰه وتلك أكبر خدعة أصابت من انتسبوا إلى الإسلام ولم يتدبروا آيات القرآن الكريم ومعرفة مقاصدها لمصلحة الإنسان وما فيها من تشريعات إلهية من أحكام العبادات وتشريع المحرمات والنواهي واتباع المنهاج الإلهي الذي يرتقي بالإنسان في معاملاته وعلاقاته وسلوكياته إلى مصاف الأنبياء والصالحين وبلغ عدد الآيات المتضمنة للتشريعات والمنهاج الإلهي أكثر من خمسمئة آية فلم يتفكر فيها الذين تم خداعهم لمعرفة واجباتهم ومسؤولياتهم الملقاة على الانضمام لدين الإسلام ومعرفة مراد اللّٰه فيها من رحمة وعدل وإحسان ونشر السلام والتعاون على البر والتقوى وتحريم التعاون على الإثم والعدوان واحترام حقوق الإنسان وإن الدخول في دين الإسلام مشروط بالإيمان بالآيات القرآنية وتطبيق شرعة اللّٰه ومنهاجه.

الأمر الذي يجعل الإنسان طوال حياته في معركة مقدسة مع الشيطان بمجاهدة النفس وتحصينها بالآيات القرآنية والتشريعات الإلهية والتحكم في الغرائز والسلوكيات اللازم تطبيقها ليقبله اللّٰه مسلمًا صادقًا في عهده وإيمانه ولو تحقق للإنسان نجاحه في معرفة واجبات العبادات والابتعاد عن المحرمات والنهي عن الممنوعات واتباع المنهاج الأخلاقي في السلوكيات لما قامت حروب دامية ومعارك كلامية واختلافات ونزاعات شيطانية وحرموا الإنسان من حقوقه وظلموا الناس بغيًا وطغيانًا وعدوانًا ونهبوا أموال الناس واستباحوا ممتلكاتهم وارتكبوا المعاصي والآثام وسفكوا دماء الأبرياء لم يفرقوا بين الأطفال والنساء والشباب والعجائز أفسدوا في الأرض ولكن للأسف تم خداعهم بواسطة الروايات التي نسبوها للرسول عليه السلام فأضلوا الناس واستدرجوهم إلى طريق الشرك والكفر ونجح الشيطان في تحقيق وعده يوم خلق آدم حينما خاطب اللّٰه عند خلق آدم بقوله: (وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ) (الأعراف: 17)، وقال أيضًا في وعيده في لحظة خلق الإنسان: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) (ص: 82).

ونجح الشيطان بإغواء الناس مع أولياءه الذين تبرعوا لخدمة أهدافه وكم من مليار مسلم منذ بعث اللّٰه رسوله ليهدي الناس إلى طريق الحق المستقيم وليحقق لهم السعادة في الدنيا ويعيشوا في النعيم.

فأبى الشيطان أن يتبع الناس آيات الذكر الحكيم فجند جنوده من شيوخ الدين والفقهاء والمفسرين بأن يحرفوا مراد اللّٰه ومقاصد الآيات ليستدرجهم للجحيم فآمن المليارات من الناس بدعوة الشيطان الرجيم وتحققت له أهدافه التي وعد اللّٰه بها عند خلق آدم وكان لهم من المتربصين وهكذا استمر المنهج الشيطاني فكم خسر الكثير ممن ظنوا أنهم مسلمين وكم حذر اللّٰه سبحانه الناس وعرفهم بمحاولات الشيطان إغراءهم وكم حذرهم اللّٰه بأن الشيطان للإنسان عدو مبين فما استجابوا لما يجعلهم من عباد اللّٰه الصالحين لينعموا في الدنيا حياة طيبة وفي الآخرة جنات النعيم وسوف يستنجدون برب العالمين حين يتم قيادتهم للجحيم مطالبين ربهم نادمين معترفين بذنوبهم يرجون من اللّٰه أن يستجيب لهم والنار تلفحهم فينادوا ربهم بقولهم: (وَهُمْ يَصْطَرِخُونَ فِيهَا رَبَّنَا أَخْرِجْنَا نَعْمَلْ صَالِحًا غَيْرَ الَّذِي كُنَّا نَعْمَلُ، أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُم مَّا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ) (فاطر: 37).

وهكذا سيكون موقف الذين لم يؤمنوا بآيات ربهم خسروا الدنيا والآخرة فما لهم من معين، لقد جفت الأقلام وطويت الصحف ولن يبقى غير كتاب اللّٰه وآيته يشع نورًا على العالمين ليخرج الناس من الذين آمنوا بآياته من الظلمات إلى النور فمن أراد النور فشعاعه يملأ الكون ومن يسعى ليحيا كالخفافيش في الظلام فله ما أراد وليعلم أنه سيقف يوم القيامة وحيدًا وحسابه يومئذ عسير.

اللهم إني بلغت اللهم فاشهد أنك أنت السميع العليم

الباحث الكاتب علي محمد الشرفاء الحمادي