صناعة الوعي تبدأ من مصر.. القوة الناعمة رأس الحربة في معركة التنوير/ بقلم المفكر العربي علي محمد الشرفاء الحمادي

أحد, 10/05/2025 - 08:34

 

تمتلك مصر قوة ناعمة هائلة تمكّنها من الانفتاح على جميع دول العالم، بما تملكه من تراكم خبرات علمية وثقافية وتاريخية، هذه القوة قادرة على تغيير الكثير من المفاهيم في أوروبا وأمريكا على وجه الخصوص، بما يساهم في تحييد عدو مصر والعرب والمسلمين، وتشجيع الغرب على فهم الخداع الكبير الذي مارسه الإسرائيليون قبل الحربين العالميتين الأولى والثانية، واللتين انتهتا بنتائج تصب في مصلحة اليهود الاستعمارية والانتقامية.

ولم تسلم أوروبا من سيطرتهم على مراكز القرار في السياسة والاقتصاد والإعلام ومحاربة الأديان، حتى تحوّل الناس جميعاً إلى قطعان تقودها قوى شريرة كانت منبوذة في المجتمع الأوروبي، وممنوعة حتى من دخول المطاعم في الدول العربية، حيث كانت تُرفع لافتات مكتوب عليها : " ممنوع دخول الكلاب واليهود ".

وما أكثر الكتب التي كتبت عن جرائمهم واستغلالهم واحتكارهم لكل القدرات الفاعلة في تلك المجتمعات، فتكوّنت لديهم عقدة نقص خطيرة ، لقد وضعوا الخطط المدروسة، وحدّدوا أهدافهم المرسومة، حتى أصبحت لديهم صورة واضحة في استراتيجيتهم الإجرامية لكيفية اختراق المجتمعات الأوروبية وتحقيق مكانة يتحكّمون بها في مصير البشرية.

نجحوا في تحديد الأهداف الاستراتيجية، ووضعوا لها الخطط التنفيذية، وأسسوا مراكز تدريب وتعليم خاصة بهم ليزرعوا في عقول أبنائهم الغدر والعدوان، وأقنع قادتُهم أبناءَهم بأنهم يجب أن يكونوا سادة العالم، متخذين من تحريف التوراة والكتب التي ألفوها وسيلة لتشكيل عقول الأطفال والشباب ليؤمنوا بأنهم شعب الله المختار، وزرعوا حب الانتقام في قلوبهم، وأقنعوا الجاليات الإسرائيلية بوعد الرب في فلسطين.

نجحوا لأنهم يعرفون ما يريدون، حتى أنهم خدعوا مواطنيهم بأنهم شعب الله المختار ، فإذا غضبوا أو تم الاعتداء عليهم غضب الله على البشر، الذين جُعلوا عبيداً في خدمة اليهود ، كانت تعبئة النفوس قبل القلوب تعبئة مليئة بالحقد والغدر والانتقام، فأصبحوا يتصرفون من ذلك المنطلق ، لكن القواعد الإلهية التي تنهى عن التكبر والاستعلاء على الناس لها موقف آخر، وتعلّم رد الفعل على المحتكر والمتكبر.

وما يحدث اليوم هو العلو الثاني الذي أنبأ عنه الله سبحانه في قرآنه، إذ سيبعث عباداً له ينتقمون منهم بعدما ظلموا واسترقّوا شعوباً مسلمة ونهبوا ثرواتهم ، وقد بدأت مؤشرات الوعد الإلهي بالانتقام، والصورة التي شاهدها الناس في اجتماع الأمم المتحدة بانسحاب عشرات الدول أثناء كلمة "نتنياهو" رئيس حكومة إسرائيل فقد كانت مؤشراً لبداية السقوط.

أما العرب فما زالوا متفرقين، بلا هدف واحد أو استراتيجية تجمع القدرات البشرية والاقتصادية والعسكرية في حماية أوطانهم، ومن ضمنها وأهمها القوة الناعمة ، وتُعد مصر الأكثر قدرة وإمكاناً لتحمّل مسؤولية الأمن القومي العربي، عبر تعريف الغرب وأمريكا بحقائق الدور الإسرائيلي الذي يضر بالغرب قبل العرب.

لكن لا توجد خطة في مصر تتولى هذا الدور الخطير، ولا هدف واحد محدد، ولا لجنة عليا تساهم فيها الدول العربية جميعاً ، المطلوب توفير مليار دولار على الأقل في المرحلة الأولى، موزع على كل الدول العربية، وتُسمّى اللجنة المقترحة : " لجنة القوى الناعمة للوطن العربي " ويكون مقرها القاهرة، ويتم اختيار الكفاءات العليا لمخاطبة الساسة والمثقفين في ندوات عدة في كل العواصم الغربية، لنساعدهم في فهم الحقيقة والعدو المشترك، مع تقديم أبحاث عن الجرائم التي ارتكبها اليهود في أوروبا وكشف كل الحقائق.

لكن للأسف العرب لم يتفقوا على موقف واحد، رغم الشعارات الرنانة، فلا تجد لصوتها صدى، وقد بُحّت الأصوات وتراجعت النداءات وضاعت الآمال ، وإذا لم يتم الاتفاق على هدف واحد كما اقترح سابقاً، فسيظل العرب يوجّهون بنادقهم وصواريخهم نحو إخوتهم العرب في خدمة أعدائهم.. فمتى تفيق الأمة؟.