
في مثل هذا اليوم من السنة الماضية، أغمض الزمان عينه حُزنًا، وسكنت المدينة المنوّرة لحظة خشوع، حين ودّعت أمّة الإسلام واحدًا من أركانها، قطبًا صالحا من أقطابها ، وفتى الفتيان، الشريف الصالح، الوليّ العارف، أحمد سالم ولد محمد راره، طيّب الله ثراه، ورفع مقامه في عليّين.
لقد مضى عنّا من كان للأرض سَكينة، وللقلوب راحة، وللنفوس أنسًا، مضى من شغل الناس ورعًا وتقوى، وأدهشهم ظرافة وذكاء، وترك في كل قلبٍ له مودة، وفي كل مجلس له ذكر، وفي كل دعاءٍ له نصيب.
ما عرفت المجالس عالِمًا مثله إلا خشعت، ولا اجتمعت عليه القلوب إلا أحسّت بالطمأنينة، كان أبًا للجميع، وقُدوة للأقران، وداعية بالحال قبل المقال.
كان كريما يعطي عطاء من لايخشى الفقر، لا يَميل عن الحق، وسَكينة كأنها نَفَس المدينة النبوية، التي كانت أعزّ أمانيه جوار النبي فيها، ودفنًا في بقيعها الطاهر — وقد أكرمه الله بما أحب، وهذا من علامات القَبول، ولا نزكّي على الله أحدًا.
كان من أولياء الله الذين لا خوفٌ عليهم ولا هم يحزنون، نحسبه كذلك، ظهرت كراماته في حياته، وظهر أثره بعد وفاته.. خلّف علمًا لا يُنسى، وسيرةً لا تُمحى، وذريةً طيّبة، وأصحابًا أوفياء لا يزالون يذكرونه بالدعاء والحبّ والاقتداء.
اللهم اجزه عن الإسلام والمسلمين خير الجزاء، اللهم كما أكرمته بجوار نبيك، فاجعل له الفردوس الأعلى منزلة ومأوى، اللهم اجعل قبره روضة من رياض الجنة، وانشر عليه نورك ورضاك، اللهم اجمعنا به في مستقر رحمتك مع النبيين والصدّيقين والشهداء والصالحين، وحَسُن أولئك رفيقًا.
وإنّا لله وإنّا إليه راجعون.