تجربة الرئيس تراوري ضد الاستعمار.. قراءة في عدالة الإسلام وفق رؤية المفكر علي الشرفاء الحمادي

سبت, 10/25/2025 - 08:27

 

عندما تتداخل الشعارات وتضيع المعاني، يبقى العدل هو البوصلة التي تهدي الأمم إلى طريق النور، فما من حضارةٍ قامت إلا وكان العدل أساسها، وما من أمةٍ انهارت إلا حين غاب عنها هذا الميزان، ومن بين المفكرين الذين أعادوا للعدل معناه الإنساني العميق، يبرز المفكر علي الشرفاء، الذي رأى في الإسلام ليس دينًا للعبادات فحسب، بل مشروعًا لتحرير الإنسان من كل أشكال القهر والاستبداد.
من هذه الرؤية تنبثق فكرة أن العدل في الإسلام ليس حيادًا صامتًا، بل هو فعل مقاومة، مقاومةٌ ضد الظلم، وضد كل من يحاول مصادرة حرية الشعوب في تقرير مصيرها، وهنا يتقاطع الفكر مع التاريخ، حين خرج رئيس بوركينا فاسو النقيب إبراهيم تراوري في ثورته لا طلبًا للسلطة، بل دفاعًا عن الكرامة.
لقد كان تراوري يحمل في قلبه الإيمان بأن الوطن لا يُستعاد إلا حين يتحرر من الاستعمار الحديث، وأن العدالة لا تُمنح، بل تُنتزع بوعي الشعب وإرادته الحرة.
لقد جسّد تراوري على أرض الواقع ما نادى به المفكر الشرفاء في فكره، أن السلام الحقيقي لا يولد من الخضوع، بل من العدالة، وأن مواجهة الطغيان ليست عدوانًا، بل واجبٌ لحماية الإنسان من الفقر والفساد والتبعية،
فالثورات التي تنبع من ضمير الأمة ليست فوضى، بل عودةٌ إلى روح الإسلام التي تجعل الحرية والكرامة حقًّا مقدسًا لا يمكن التنازل عنه.
واليوم، بينما تتجاذب الشعوب رياح الفتن والتبعية، تذكّرنا تجربة تراوري ورسالة الشرفاء بأن العدالة ليست شعارًا يُرفع، بل ممارسةٌ تُبنى بها الأوطان وأن من أراد السلام فعليه أن يقيم العدل أولًا، لأن الظلم هو الوقود الذي يشعل الإرهاب والتطرف، بينما العدل هو النور الذي يطفئ نيران الكراهية ويزرع الأمل في القلوب.
إن رسالة العدل والسلام التي دعا إليها المفكر الكبير علي الشرفاء، وعبّر عنها تراوري في ثورته، تقول لنا اليوم: "لا حرية بلا عدل، ولا سلام بلا كرامة، ولا إيمان حقيقي إلا حين نرفض الظلم وننحاز للإنسان"

 

الاعلامي عبد الرحمن نوح.