مجدى طنطاوى يكتب حين يكتب العاشقان بدم واحد نزار وكامل في مرآة الحب

خميس, 12/04/2025 - 22:25

 

كان نزار قباني يكتب الشوق كما لو انه الطريق الوحيد الى النجاة وكان كامل الشناوي يكتب الفراق كما لو انه القدر الاخير الذي لا مفر منه وما بين اشتياق نزار الذي لا ينطفئ وجرح كامل الذي لا يلتئم تتشكل ملحمة كاملة عن الحب الحب حين يصبح اكبر من العاشقين واعمق من الكلمات
نزار بدأ الحكاية بدمعة تتعلم كيف لا تسقط
اشتقت اليك فعلمني
ان لا اشتاق
علمني كيف تموت الدمعة في الاحداق
كان يصرخ ضد المستحيل يريد قلبا لا يشتاق وعينا لا تبكي وروحا لا ترتعش كلما مرت صورتها في خياله لكنه كان يعرف في العمق ان الانسان يستطيع ان يتعلم كل شيء الا كيف يطفئ جذوة الحب
وفي الجانب الاخر كان كامل الشناوي يصرخ من قلب لم يستطع ان يتوقف عن النزيف

لا تكذبي
اني رأيتكما معا
ودعي البكاء فقد كرهت الادمعا

لم يكن يشهد خيانة امرأة بل خيانة قلبه له حين احب ما لا يمكن امتلاكه هو الاخر كان يريد ان يتعلم الهروب من الحب لكن الحب كان الاسر الاوسع والقيد الاعمق والقدر الاكثر قسوة

بين نزار وكامل يمتد جسر من النار كلاهما احب حتى العظم وكلاهما خذل وكلاهما حاول ان يستأصل الحب من صدره فادرك ان استئصال الحب اشبه بمحاولة اقتلاع الروح من الجسد

نزار يرتجف ويسأل
علمني
كيف يموت القلب وتنتحر الاشواق

لكن كامل يجيبه من بعيد بصوت رجل جرب الموت ولم يتحرر

ويداك ضارعتان ترتعشان من لهف عليه
ويشب في قلبي حريق
ويضيع من قدمي الطريق

كان كامل يقول له لا يا نزار القلب لا يموت والطريق لا يشفى والاشواق لا تنتحر بل تتحول الى جرح دائم السطوع
نزار يحاول ان يغلق باب الشوق وكامل يحاول ان يغلق باب الذكرى لكن الابواب كلها تتفتح من تلقاء نفسها وكأن في الحب قوة لا تخضع لقرارات البشر
وفي لحظة انكسار يعلن كامل الشناوي توبته عن حب احرقه

رايت انك كنت لي قيدا حرصت العمر الا اكسره فكسرته
وكنت لي ذنبا سألت الله الا يغفره فغفرته

لكن هل غفر الذنب هل انكسر القيد القلوب التي تتعلق لا تعرف الغفران ولا النسيان والحب الذي يصل حد الالم لا يتحول الى ذكرى بل يتحول الى هوية
ونزار الذي حاول قتل الشوق لم يستطع الا ان يعترف بان الحب اصل الحياة ونبضها فكلما قال

علمني ان لا اشتاق
كان قلبه يجيب من الداخل كيف اطفئ شمسا وكيف امحو سماء وكيف اقتل شيئا يولد في كل نبضة

وهكذا يلتقي الرجلان في مرآة واحدة
نزار رجل يقاتل شوقا مشتعلا يأبى ان يخمد
وكامل رجل يقاتل حبا يأبى ان يموت
نزار كان يريد قلبا بلا اشواق وكامل كان يريد قلبا بلا جراح لكن الاثنين اكتشفا الحقيقة ذاتها الحب ليس شيئا نقرره بل شيء يقررنا

الحب لا يستأصل لانه ليس غصنا في الجسد بل هو الجسد نفسه
ولهذا مات كامل الشناوي وفي قلبه صوت نجاة كما تموت الشموع بنورها وعاش نزار قباني وفي صدره اشتياق يكتب العالم كله من جديد

الحب ينتصر دائما لا لانه جميل بل لانه اقوى من الانسان