رجال خارج الأضواء

اثنين, 12/29/2025 - 23:17

لم أتناول يوما الموظفين على الفضاء العام ذما أو مدحا، وربما ذلك أحد الأخطاء الكثيرة في حياة الكثير منا، وربما لعزوف كثيرين عنه غيري عذرهم، لارتباط الأمر في الفضاء العام بالمصالح الشخصية.
لكن أرى أن في ذلك ظلما لبعض الموظفين الذين يخدمون الوطن بتفان وأتقان، وروح وطنية قل نظيرها، وحقهم علينا في ظل اختراق الإدارة من طرف غير الأكفاء خلال العهود الماضية أن نذكرهم، ليلا يجرفهم سيل انعدام الوطنية، والفساد الذي يجتاحنا منذ زمن.
إن من أبرز أولئك الأطر وأكثرهم كفاءة وأمانة الأمين العام لوزارة الإسكان والعمران السيد محمد سالم ولد بوخريص.
لقد عرفت الرجل ربما دون أن يعرفني وأنا القادم من غربتي حيث عشت لعقود خارج الوطن، وحين عودتي من أوروبا أصبحت كالغريب في وطني، وأنا مجرد مواطن اعتاد في غربته على فتح أبواب المؤسسات أمام أصحاب المصالح من مواطنين وأجانب، لكن بوطني للأسف لم أجد الأمر كما عايشت في غربتي، وكنت بين الحين والآخر أفكر بجد وأطرح سؤالاً لماذا لدينا جهاز إداري ضخم وأغلب موظفيه لا يأخذون في الحسبان مصالح المواطنين وأوجاعهم، وتحس حين تراجع إحدى الإدارات في أمور تافهة أنك تقف أمام موظفين لا يعيرونك أي اهتمام، ولا يسعون لحل مشكل يتقدم يطرح أي مواطن مهما كانت بساطته، لكن في الوقت كنت دائما أبحث عن الاستثناء في تلك الرفوف، وبالكاد كانت تتقاسم تلك الاستثناءات نفس السمات، فأغلبها من الشباب وأغلبهم تكون خارج الوطن، ويتركون في كثير من الأحيان خارج الأضواء وفي الصفوف الخلفية، حيث يقومون بكل العمل بينما يحصد النتائج آخرون لا يستحقون أي مكان في الوظيفة أصلا أحرى أن رؤوس قطاعات مهمة وحيوية.
يعاني الكثير من الأطر الشابة من أصحاب الكفاءات من التهميش، ومن التأخير في التقديم الوظيفي، وهو أحد عوائق التنمية الحقيقية في دولتنا، وعلينا الانتباه لذلك وتصحيحه وتداركه.
إن أمثال الأمين العام محمد سالم ولد بوخريص من الموظفين يستحقون التكريم والتبجيل، وقيادة قطاعاتهم التي نجحوا في تسييرها رغم كل التحديات، وهو أمر مهم للنخب الشابة ومحفز ضروري لها كي تواصل ذلك المسار الاستثناء، ولكي لا يخفت ذلك الضوء في نهاية النفق، وتلك الشعلة في ذلك الظلام الدامس.
محمد عبد الرحمن ولد باها