كثيرون هم أولئك الذين يرحلون عنّا يوميا دون أن نحسّ بفراقهم، غير أن من بين الراحلين من يترك أثرا موجعا في نفوسنا، لا يخففه سوى القناعة بقضاء الله وقدره، ويقيننا بأن الله اشتاقهم فأخذهم إليه. غير أن رحيل الأستاذ وعالم الفيزياء محمد أحمد ولد سيد أحمد ولد الجيد ، يكون دائما رحيل أجساد فقط، لأنه ملك كل شروط العبقرية الدائمة الإقامة الباقية في القلوب بما زرع من ذكريات، لدي من عرفوه وطبعوه من بصمات يستعصى على الزمن محوها، فهم فرسان الشدائد، يتبعهم الإنجاز حيثما ذهبوا، وتحيل أصابعهم كل المصاعب إلى نجاحات كبيرة. ومن هؤلاء الرجال فارس الفيزياء مغوار ترجّل عن صهوة جواده قبل موعده بكثير، فموريتانيا فقدت واحدا من شبابها المخلصين الذين حملوها رسالة مضوا بها بكل عزيمة وإصرار في كامل الفترة القصيرة من العمر التي قضوها بيننا في الحياة. فقبل أقل من اسابيع استقبلني في مخيم النخوة والأيباء (أهل بوكسه العلويين ) في مدينة بومديد التي كانت كل شواهد نموه وترعرعه تشير إلى أنه واحد من سادتها و من صناع أمجاد الفيزياء وسادة المعرفة العلميةرحمك الله يا فارس العلم والفيزياء ولا نقول الا ما يرضي الرب وان العين لتدمع والقلب يخش وانا لله وانا اليه راجعون .