شجار عنيف في نواكشوط وإصابة سيدة إصابة بالغة في الرأس

ثلاثاء, 07/09/2019 - 16:33

أول أمس الأحد 7 يوليو 2019 بعد صلاة العصر كنت في مستشفى الصداقة بعرفات، رفقة أحد أفراد العائلة، وبينما كنت أدخل غرفة المعاينة الطبية بقسم الحالات المستعجلة، لفت انتباهي وجود سيدة تجاوزت الستين من عمرها تجلس بجانب الطبيب المداوم، وغير بعيد عنها ثلاث سيدات، كانت أصغرهن على مشارف العشرين من العمر تجلس على السرير مـُطأطئة رأسها، وهي تنظر إلى الأسفل، وعلى يدها اليمنى ضمادة (باصماه) من آثار الحقنة التي كانت محقونة بها، بينما تسأل أختها الأكبر منها الطبيب: متى نعود لتبديل الضمادة على الجرح (باصماه)؟، نظر الطبيب إلى رأس الفتاة، ثم قال بعد يومين..

التفت الطبيب إلى السيدة الكبيرة وسألها: هل تقدمتم بشكوى لدى مفوضية الشرطة ؟؟، ردت الوالدة بكل سرعة وحزم قائلة: "لا، لم نتقدم بأي شكوى، هو فقط أخوها الأكبر ضربها ليردعها، فكان أن أصابها في الرأس إصابة غائرة عن غير قصد، وقد ندم على ذلك ندما شديدا، وتأثر، وهو حزين الآن"، تدخلت أنا – بي الترشه- وقلت لها، أنا شخصيا لو اعتدى أي شخص على أختي، أو طفل تربطني به علاقة اعتداء خطيرا كهذا سأتقدم بشكوى منه لدى الشرطة، حتى لو كان أخا للضحية، وبغض النظر عن طبيعة قرابته من الضحية، والسبب الذي جعله يعتدي عليه بعنف، وأنا شخصيا أتألم عندما أشاهد أحدهم يضرب حمارا بعنف وقسوة، فما بالكم بضرب بشر، خاصة امرأة، أو طفل.

.. سكتت الأم المفجوعة، والمصدومة، في حين تدخلت أخت الضحية لتسأل الطبيب قائلة:" الجرح اياك ما هامتين حتت، هوم خيطوه، أياك ما أثر على راصها"، بينما انبرى الطبيب لي وخاطبني قائلا:" نعم، يضربها، يضربها حقا، نحن لسنا نصارى، نحن مسلمون، والمرأة لا بد لها من أن تكون خائفة من رجل في البيت حتى لا تفسد أخلاقها، نعم يضربها، هذا أمر عادي"..

استشطت غضبا من كلام الطبيب الشاب، ليس لأنها أول مرة أشاهد،، وأسمع طبيبا بزيه الرسمي، أثناء مزاولة عمله بقسم الحالات المستعجلة يـُحرض على الضرب والعنف، وضرب النساء تحديدا على رؤوسهن، ويعتبر ذلك أمرا طبيعيا، بل ما زاد استغرابي أكثرن وقلته للطبيب هو.. كيف للطبيب الشاب هذا أن يعتبر أننا نحن – بما أننا مسلمون- علينا أن نقوم بضرب النساء ليخافوا من الرجال، والنصارى – بما أنهم نصارى- عليهم الرفق بالنساء، ومعاملتهن معاملة حسنة !!!، فكيف لهذا الطبيب أن يعتبر ديننا- الذي هو دين رحمة بكل شيء، رحمة بالبهائم، بالشجر والحجر، بل تعلمنا "الرفق بالمملوك ولو كان حبلا" كيف له أن يعتبره دين عنف وضرب وإيذاء للنساء ؟؟، وهل أُثر عن نبينا محمد صلى الله عليه وسلم أنه استخدم الضرب على الرؤوس، والإيذاء الجسدي كوسيلة لتقويم نساء زمانه ؟؟، أو لم يوصينا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم بالنساء خيرا، ويبين لنا طريقة معاملتهن، ثم من قال إن الضرب المبرح كفيل بتقويم سلوك الفتاة ؟، أو لم تثبت كل التجارب أن السلوك السوي، والأخلاق الفاضلة الحقيقية هي تلك التي تصدر من الشخص عن قناعة، وبعد إقناعه بها، حتى يقتنع في قرارة نفسه، فتنعكس سلوكا في تصرفاته، وليست ما يصدر عنه تحت الضغط والإكراه ؟؟!!.

انتهى حديثي مع الطبيب، وبدأ بتحرير الوصفة للمريض الذي جئت مرافقا له، وخرجنا من المستشفى، لم يخطر ببالي حينها أن أُدون عن الموضوع، لكن خبر وفاة طفل صغير في اليوم الموالي على يد والده، بعد ضربه ضربا مميتا في مقاطعة عرفات، جعلني أكتب عن الموضوع، لأدق ناقوس خطر ظاهرة "عنف الأقارب"، سواء ما يمارسه بعض الآباء ضد أبنائهم – رغم كونهم مؤتمنون عليهم-، أو ما يمارسه بعض الإخوة ضد أخواتهن، تحت يافطة الدفاع عن الشرف، أو جرائم الشرف، أو ما يمارسه بعض شيوخ المحاظر ضد الأطفال من التلاميذ، فحالات العنف هذه كثيرا ما تتسبب في الوفاة، أو في إصابات تترك إعاقة دائمة، أو تشوها مدى الحياة، فقلما تجد اليوم طفلا درس في محظرة إلا وفي مكان ما من جسده آثار تعنيف "طالبه" أو شيخه، فأنا شخصيا ضد استعمال العنف المـُفرط، المـُفضي إلى الوفاة، أو الإصابة بجروح تحت أي ظرف، وبأي سبب، وأعتقد أن أسلوب الإقناع، والترغيب، أكثر نفعا من أسلوب الإكراه والترهيب.. فما رأيكم أنتم، إخوتي، وأخواتي ؟.

من صفحة الأستاذ الصحفي: سعدبوه السيخ محمد على فيسبوك.